كان الجميع في فلسطين وخارجها وأنا من بينهم ننتظر على أحر من الجمر صافرة نهاية مباراة نهائي بطولة كأس العرب التي نظمتها قطر، والتي جمعت بين منتخبي الجزائر وتونس، لمتابعة مشاهد الحب العربي لفلسطين، وليس للاحتفال بالفائز، لأن الفائز بالكأس العربي هو منتخب من منتخبات الوطن العربي الممتد من المحيط الأطلسي حيث المغرب إلى الخليج العربي حيث البحرين، وما بينهما من كنز عربي ثمين وأصيل لم يتخل عن قضيته الأولى وهي القضية الفلسطينية.
ولكن يبدو أن هناك من أراد أن يُعكر الأجواء الوطنية العربية الأصيلة التي تجلت في بعض مباريات المنتخبات العربية المشاركة وفي مقدمتها المنتخبين الجزائري والتونسي اللذين رفعا علم فلسطين جهاراً نهاراً، في وقت رفعته بعض المنتخبات في قلوبها.
رفع العلم بأيدٍ جزائرية وتونسية لم يكن لمجرد أن يُرفرف العلم، بقدر ما كانت رسالة للعالم بأن قضية فلسطين كانت ولا زالت وستبقى على رأس سلم الأولويات رغم كل محاولات التطبيع والطمس والقتل والتمييع.
فلم يرق للاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يُشرف إشرافاً كاملاً على البطولة، فكانت مشاهد الإخراج التلفزيوني الذي أثبت أن هناك قرار إما بعدم تكرار ما حدث في مباراتي الجزائر أمام المغرب في دور الثمانية ومباراة الجزائر مع قطر في الدور قبل النهائي ومباراة تونس أمام مصر في نصف النهائي، حيث شعرت فلسطين بدعم عربي رياضي غير مسبوق وبمشاهد مؤثرة في النفوس، حيث طاف لاعبو المنتخبين الملعب بطريقة أبهرت الفلسطينيين أنفسهم، وبطريقة أشعرت البعض ممن اعتقد أن القلب العربي قد مات، أنه لم يُفارق الحياة ولن يُفارقها إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، فكان القرار غير المُعلن بقتل كل محاولة لتكرار المشهد.
فكان إخراج المباراة بطريقة انتهت إلى إفراغ الاحتفال من محتواه، ولن أخوض في تفاصيل إخراج الاحتفال الذي قد يكون الهدف منه إبراز الجانب الجمالي لمنطقة الملعب، ولأنه قد يكون هناك احتمال بنسبة لا تزيد عن 1% بأن الأمر لم يكن مقصوداً .. ولكن هذا لم يجعلنا كفلسطينيين ننسى فرحة رفع العلم في المباريات السابقة، ولكن أعترف بأنني أُصبت للحظة بغصة في قلبي كون توقعاتي وتوقعات الـ13 مليون فلسطيني في القدس وغزة ومُدن الضفة ومخيماتها ومخيمات الشتات في لبنان والأردن وسوريا والعراق، المحرومون من أبسط حقوقهم والذين بحاجة لمن يرفع معنوياتهم .. كسر الله معنويات كل من حاول ويُحال كسر الشعب الفلسطيني.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أصر الاتحاد الدولي لكرة القدم إلا أن يُنغص على العرب فرحتهم بكأسهم، عندما دعا مدرب كرة قدم (إسرائيلي) للمشاركة في المباراة الاستعراضية التي جمعت نجوم العرب مع نجوم العالم في يوم نهائي البطولة، وهذا بحد ذاته أقل ما يُقال عنه "وقاحة وسفالة" من مسؤولين لم يصلوا إلى مناصبهم إلا بعد ان حصلوا على الاعتماد الصهيوني، الذي أثبت أكثر من مرة سيطرته على الاتحاد الدولي بطريقة أو بأخرى.
وما خفف من وطأة الحدث، هو اعتذار عدد من اللاعبين العرب عن المشاركة في مباراة يتواجد فيها عنصر إسرائيلي يتبع لدولة تقتل الأطفال وتعتقل النساء وتغتال المناضلين، حيث كان نجوم الجزائر في مقدمة المعتذرين، فيما للأسف الشيد شارك بعض النجوم العرب.
هنام من النجوم العرب ممن شاركوا عبروا عن موقفهم من خلال قيامهم بطمس العلم الإسرائيلي الموجود ضمن العلام الدول على قمصان اللاعبين، كنوع من أنواع التضامن مع فلسطين، وهذا أضعف الإيمان، وأستطيع ان أقول أنني أقبله لاعتبارات خاصة، ولكن لا يحق لأحد أن يلومنا على الاعتزاز بمواقف الأخوة الجزائريين الذين رفضوا مجرد التواجد في الملعب.
تحية لنجوم الجزائر الثلاثة رابح ماجر ورفيق حليش ورفيق صايفي، وتحية لكل الجماهير العربية التي حملت علم فلسطين، والخزي والعار لمن سأكتب عنه غداً لأنه امتداد لمنظومة سيئة مرتبطة ارتباط وثيق بالصهيونية العالمية.