لم يترك جهاز مخابرات السلطة برام الله خيارًا لوالد المحرر حسن عليان، الذي اعتُقل في سجن أريحا، إلا الإعلان عن بيع إحدى حفيداته التوأم، في خطوةٍ في جوهرها احتجاجية تحمل رسائل قهرٍ أراد إيصالها إلى الشارع الفلسطيني، بعدما طلب منه الجهاز الأمني إحضار قطعة "سلاح" مقابل الإفراج عن ابنه.
المعتقل عليان، يمكث في سجن أريحا وفي جعبته ست سنوات أمضاها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعدد مرات اعتقالٍ عديدة لدى أجهزة أمن السلطة لم يستطع والده إحصاءها، فما أن يفرج عنه الاحتلال حتى تفتح سجون السلطة أبوابها له، وهكذا تدور الحياة به بعيدًا عن بناته الأربع المحرومات من والدهن وهو على قيد الحياة.
وحرم عليان من احتضان طفلتيه التوأم، أو إقامة مراسم استقبال لهما كما يفعل الآباء، ثلاثة أسابيع ومدد أخرى لا يعلمها والده، تمضي وهم يجهلون موعد الإفراج عنه، يفيق على أصوات بكاء حفيداته الصغار وطلباتهن المتكررة ببراءة "روح جيب بابا من السجن" وهو لا يملك باليد حيلةً.
تنصت صحيفة "فلسطين" لصوت القهر المنبعث من حنجرة والده موسى عليان المثقلة بهموم ملاحقة ابنه من السلطة والاحتلال معًا وهو يقول: "للأسف لا يرحموننا، منذ أول يوم على اعتقاله أثناء زيارته لأحد المحررين المفرج عنهم مؤخرًا، ذهبت لسجون المخابرات في طوباس فأخبروني أنه سيعود للمنزل في غضون يومين، لكنني تفاجأت بإرساله إلى سجن أريحا في اليوم الثالث، ثم قالوا لي إنه سيعود للمنزل ولا يوجد عليه أي تهم، وحتى الآن نمنع من زيارته أو الحديث معه أو حتى تكليف محامٍ للدفاع عنه".
يقارن عليان بين اعتقال نجله لدى الاحتلال والسلطة بأنه "عندما يعتقل عند الاحتلال فإنك تستطيع التوجه لجهة حقوقية وتعرف مصير نجلك ومكان اعتقاله ثم تزوره في المحكمة أو في السجن، أما عندما يعتقل لدى السلطة فلا يوجد احترام للقانون، فلا يشكلون لجنة تحقيق ولا يسمحون للمؤسسات الحقوقية بإرسال فريق دفاع؛ فقط يبقى في المعتقلات بلا ذنب!".
يرافق الغضب صوته عبر طرف سماعة الهاتف، متسائلا: "في أي قانون تمنع من زيارة ابنك أو سماع صوته؟ نحن الآن قلقون عليه فلا نعرف مصيره".
وعلى صفحته بموقع "فيسبوك" كتب: "أنا السيد موسى عليان، أعرض إحدى بنات ابني حسن التوأم التي رزقه الله إياهن وهو معتقل لدى مخابرات السلطة منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع وهو متهم بحيازة مسدس ويطالبوننا بتسليم المسدس، مقابل الإفراج عن أبيهن من السجن، فليس لدينا وسيلة لخروج ابننا إلا هذه الوسيلة، حيث إنه متهم بتهمة ملفقة عارية من الصحة وجهاز المخابرات لا يقبل بالإفراج عنه إلا بتسليم المسدس".
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على المنشور، فعلّق المواطن محمود الغول أبو الأسيد بقوله: "حسبنا الله ونعم الوكيل، ربنا يهونها عليه ويفك أسره ويعود لبيته ويحتضن طفلتيه"، واكتفى المواطن بسام شاويش بالدعاء "الله عالظالم بس!".
يعلق عليان في حديثه لـ"فلسطين" على ما نشره بأن مخابرات السلطة لم تبقِ له أي خيار آخر، متسائلا بلهجة عامية "من وين بدي أجيب حق مسدس، أبيع الدار؟.. ما وجدت إلا هذه الوسيلة في خطوة رمزية احتجاجية، لفضح هذه الجريمة".
رغم التضحية التي قدمها ابنه من أجل وطنه وقضيته، وسنوات عمره التي قضاها في سجون الاحتلال لم يشفع له عند أجهزة أمن السلطة "وكأننا نعيش تحت احتلالين" حسب وصف والده، مشيرًا إلى أن ابنه تعرض كغيره من المعتقلين في سجون السلطة إلى التحقيق القاسي والتعذيب النفسي.
ويتزامن اعتقال الشاب عليان مع حملة اعتقالات واعتداءات واسعة تشنها أجهزة أمن السلطة ضد مواكب استقبال المحررين، وتشييع الشهداء، وتصادر خلالها رايات الفصائل خاصة حركة حماس.