مناورات حقيقية شهدها قطاع غزة نفذتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس تحت اسم "الدرع القدس"، والاسم الذي أطلقته كتائب القسام على هذه المناورة العسكرية له دلالة واضحة، ويحمل رسائل متعددة للاحتلال ولمن يساوم أو يفرط في القدس، فكتائب القسام تمثل الدرع الحامية للقدس والأقصى وفلسطين، وهي ترسل إشارة للاحتلال أن أي حماقة يرتكبها في القدس سيجد ردا مزلزلا عليها، وما فعله الشهيد البطل فادي أو شخيدم عملية بطولية في القدس زلزلت أركان الاحتلال، تمثل بداية لعمل فلسطيني مقاوم لحماية القدس من أطماع المحتلين، وتشكيل درع من نار للدفاع عن القدس والأقصى والمقدسات وحمايتها من بطش وعبث الاحتلال، وكتائب القسام تواصل معركتها الباسلة في الدفاع عن فلسطين والقدس والأقصى، وتستكمل نتائج معركة سيف القدس التي تحققت فيها إنجازات غير مسبوقة للقسام وفصائل المقاومة الفلسطينية التي استطاعت فرض معادلات جديدة على الاحتلال الصهيوني لا يمكن تجاوزها، وأسست لمرحلة نضال جديدة وملحمة النصر والتحرير. صحيح أن الإمكانيات العسكرية من حيث العدة والعتاد لكتائب القسام وفصائل المقاومة لا توازي ترسانة الاحتلال العسكرية النوعية والمتقدمة؛ لأن القسام تملك الإيمان والإرادة والقدرة على تخطي الصعاب، فهي تصنع الدرع والسيف وتصنع الرجال الأبطال، ليبدعوا ويستبسلوا في ميادين المعارك.
مناورات درع القدس تمثل مصدر فخر وعزة لشعبنا الفلسطيني، فالمقاومة تحقق تقدما ملموسا على مستوى التطوير التقني، وتطوير الكادر الميداني، وذلك على الرغم من الحصار الذي يتعرض له قطاع غزة للعام الخامس عشر على التوالي، ويزداد فخرنا بالقسام والمقاومة أنها استطاعت أن تصل إلى هذا المستوى من التسلح الذاتي والقدرة القتالية على الرغم من كل الإجراءات والعقبات التي اعترضتها، ومراقبة "إسرائيل لكل شبر من أراضي قطاع غزة على مدار الساعة، ومحاولة منع وصول أي مساعدات عينية أو مادية أو تكنولوجية وتقنية للمقاومة، لكنَّ الإرادة تصنع المستحيل، والمجاهدين القساميين يدركون أنهم في معية الله عز وجل، وأن فعلهم الجهادي جزء من العبادة، وفريضة كتبها الله عز وجل على عباده المؤمنين، لذلك لن يخذلهم ولن يتخلى عنهم، فتحققت المعجزات على يد المجاهدين الأبطال، وسطرت كتائب القسام ملاحم بطولية في ميادين العز والشرف، واستطاعت المقاومة أن تلتحم بشعبها وتصبح مصدر أمن وأمان للمواطن الفلسطيني الذي لا يترك مناسبة إلا ويهتف للمقاومة ويحييها ويساندها بالقول والفعل، وقد اكتسبت المقاومة هذه الثقة من صمودها الأسطوري في المعارك أمام الاحتلال، وآخرها معركة سيف القدس، ومن قدرة القسام على الاحتفاظ بالجنود الصهاينة المحتجزين لديها، على الرغم من كل الوسائل التي استخدمها الاحتلال الصهيوني لتحريرهم أو حتى معرفة أماكن وجودهم.
ما لفت الانتباه بشدة في مناورات سيف القدس هو التدريب على كيفية اختطاف جنود صهاينة والسيطرة عليهم ونقلهم إلى مواقع آمنة قبل وصول الاحتلال إليهم، وهذا المشهد أشد ما يقلق الاحتلال؛ لأنه يدرك أن المقاومة الفلسطينية تسعى لاختطاف جنود صهاينة لأجل المقايضة بهم وتحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، فإن كان عدد الجنود الذين وقعوا في قبضة القسام لا يكفي لإبرام صفقة تبادل، فإن أسر المزيد من الجنود سيجبر الاحتلال على الشروع في صفقة تبادل، لذلك جسدت مناورة درع القدس توصيات القائد العام لكتائب القسام الجنرال محمد ضيف بأسر المزيد من الجنود الصهاينة لإجبار الاحتلال على صفقة تبادل، كما أوصى بالتأهب والاستعداد لمعركة مع الاحتلال إذا ما تجرأ على إخلاء سكان حي الشيخ جراح أو حي سلوان، لذلك شهدت مناورات درع القدس محاكاة لكيفية ردع الاحتلال عن ارتكاب مثل هذه الحماقات، فالمقاومة تؤكد أنها جاهزة دائما للمواجهة مع الاحتلال، وأنها تعمل على تطوير قدراتها القتالية لإيقاع أكبر الخسائر في صفوف الجنود الصهاينة الأشرار.
مناورات درع القدس تتزامن مع ذكرى الانطلاقة الـ(34) لحركة حماس، إذ تنفذ فيها الحركة العديد من الأنشطة والفعاليات، وتطلق فيها مبادرات كبيرة على مستوى القطاع، وهي تبتغي بذلك توجيه رسائل للاحتلال الصهيوني الذي لا تتوقف أطماعه وجرائمه ضد شعبنا وأمتنا، وحماس تقول كلمتها عبر الكتائب بالنار والبارود إن المساس بالقدس سيؤدي لتفجير المشهد، فهل يعي الاحتلال الرسالة؟ وهل يدرك أن غزة لم تعد الحلقة الأضعف وأنها قادرة على رد الصاع صاعين، وأن المقاومة ترسم ملامح النصر لشعبنا وأمتنا، وتبث الأمل في النفوس، وتؤكد أن اليد قادرة على مقاومة المخرز؟ تحية لكتائب عز الدين القسام حاملة لواء المقاومة، تحية لقادتها وكوادرها وجنودها، لقد أوكلت إليكم أنتم وفصائل المقاومة الفلسطينية مهمة إيقاظ هذه الأمة من سباتها العميق، وبعث الأمل من جديد بأننا قادرون على تحقيق الانتصار على الاحتلال، إذا ما تماسكت الأمة وتوحدت مواقفها واجتمعت حول فلسطين، إن مناورات درع القدس فيها تحدٍّ للاحتلال وإحباط لمخططاته وأطماعه، وإذا أردنا استكمال الصورة وقراءة المشهد جيدا فعلينا أن نراهن على مقاومتنا وخيارنا العسكري لأنه أقصر الطرق لأجل الوصول للأهداف، وأن نؤمن إيمانا مطلقا بأن اليد تستطيع أن تقاوم المخرز.