تعيش الصقور في شواهق الجبال، وتحلق عاليًا في الآفاق، ترصد فرائسها بصبر، وتنتفض على أهدافها بدقة، وتباغت فرائسها بقوة، ولذلك تبقى لها السيطرة التامة على الميدان.
القسام تناور اليوم وتختبر جهوزيتها على مستوى الأفراد والمعدات والتكتيكات، لم تتوانَ لحظة عن الإعداد والتجهيز الدائم، ولذلك أثبتت جدارتها في كل مرة خاضت فيها المعركة.
لم تكن كتائب القسام يومًا إلا عنوانًا للبطولة، وما زالت ذاكرة شعبنا تحفظ صور البطولة التي رسمها أبطال القسام بألوان من الدم والنار وغبار المعارك، ومنذ تلك اللحظة المجيدة التي وطئت فيها قدم الشهيد القائد عماد عقل رأس الجندي الصهيوني أمام مسجد مصعب بن عمير في حي الزيتون أمام عدسات الكاميرات؛ ما زالت تتوالى صور البطولة التي أعادت لشعبنا ثقته بأبطاله، ليتصل حبل التاريخ المجيد مرة أخرى بعد طول انقطاع، لتكون معارك الفرقان وحجارة السجيل والعصف المأكول وسيف القدس امتدادًا طبيعيًّا للقادسية واليرموك وأجنادين وعين جالوت.
أراد العدو أن يفقد شعبنا ثقته بالنصر بحروب زائفة خاضها في مرحلة تيه عن التاريخ والعقيدة والثقافة مرت بها أمتنا حينًا من الدهر، ورسم العدو لنفسه صورة زائفة أنه جيش لا يقهر، ولكن ما لبث أن أعاد القسام رسم الصورة دون زيف وكتب التاريخ دون تحريف بحقائق المعارك الممتدة بين الحاضر والمستقبل، فكانت تلك الصورة التي رسخت في وجدان شعبنا أن أبطاله لا يفرطون، وقادته لا يتخاذلون، ومقاومته تحمي وتصون.
تناور القسام اليوم كما تناور الصقور، فتحلق عاليًا في سماء المجد وترقب وترصد وتعد، حتى تحين لحظة الانقضاض، فتحقق المباغتة التي تربك العدو، فلا يملك إلا التراجع أمام عزيمة الرجال.