في الذكرى الرابعة والثلاثين لانطلاقة حركة حماس المقاومة الإسلامية حماس نترحم على أرواح شهدائنا، وعلى رأسهم القادة المؤسسون: الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والشيخ أبو حسن شمعة، والدكتور إبراهيم اليازوري، والشيخ صلاح شحادة، ونتمنى الشفاء للأستاذ عبد الفتاح دخان، ونترحم على كل شهداء شعبنا، ونعمل جاهدين من أجل حرية أسرانا.
عام 1987 كان عامًا مفصليًّا في قضية شعبنا الذي نفض الغبار عن معدنه الأصيل بانتفاضة عارمة في وجه الاحتلال. إذ شكّل الحادث المؤلم الذي ارتكبه أحد المستوطنين وأودى بحياة عدد من عمالنا وإصابة آخرين محرّكًا لجماهير شعبنا للانتفاض في وجه الاحتلال.
ففي يوم الحادث تداعى "الإخوة السبعة" قادة الحركة الإسلامية في فلسطين إلى لقاء عاجل لتدارس الأمر واتخاذ قرار سريع بضرورة التحرك من شبابنا لمواجهة قوات الاحتلال للتعبير عن الغضب من ممارسات الاحتلال ومستوطنيه، ولم يكن ذلك غريبًا على الحركة؛ لأن قرار مقاومة الاحتلال قد سبق الانتفاضة بأكثر من عام، وبدأ العمل والإعداد من بداية الثمانينيات.
قبيل انتفاضة الحجارة بأشهر، تم تشكيل جهاز مجد (منظمة الجهاد والدعوة)، وكان من مهامه ملاحقة العملاء وأركانهم ومراكز الإسقاط، وكذلك توعية شبابنا وبناتنا ضد أساليب الإسقاط؛ حمايةً لهم من الوقوع في مستنقع العمالة، وقد نُفّذ العمل جيدًا وتحققت نجاحات كبيرة.
ومنذ اتخاذ قرار خوض المواجهة الشعبية مع الاحتلال بدأ الحراك سريعًا من شباب الحركة وشباب الجامعات والمساجد، والتف الشعب حولهم لمعرفته بهم وبأخلاقهم وصدقهم. وكان من نتائج الجلسة في القرار أن يتم إصدار بيان باسم حركة المقاومة الإسلامية، وذلك يوم 14/12/1987 حيث ذُكرت كلمة الانتفاضة في البيان، وكان ذلك البيان في ذلك اليوم إيذانًا بانطلاق حركة المقاومة الإسلامية حماس، واستمرت المواجهات مع الاحتلال ما أدى إلى ارتقاء شهداء ووقوع إصابات واعتقالات الأمر الذي ساهم في تثبيت انتفاضة الحجارة.
بعد شهر ونصف الشهر توجه الإخوة في الضفة الغربية، وطلبوا من إخوانهم هناك بضرورة التحرك والانتفاض في وجه الاحتلال، وفي ذلك الوقت اقترح أحد الإخوة أن يختصر اسم الحركة إلى حماس وتم إقرار الاسم ليعتمد اختصارًا لحركة المقاومة الإسلامية؛ لتكون انطلاقة شعب التفَّ حول حركته وآمن بمبادئها وصِدق توجهها، وصوابية طريقها القائم على مقاومة الاحتلال في كل شبر من أرض فلسطين التاريخية.
واليوم ونحن نتحدث عن الانطلاقة الـ 34 من عمر الحركة، نستدل بأن ما وصلت إليه حركة حماس وكتائب الشهيد عز الدين القسام من مراكمة القوة والإعداد يؤهلها للاستمرار في الطريق وتحقيق ما تصبو إليه من حرية لشعبنا واستعادة حقوقه المسلوبة، وخلال مسيرة الحركة تعرضت للكثير من الأذى من القريب والبعيد وتعرضت للاختبار في محطات عديدة فاعتُقل قادتها وكوادرها، ثم جاءت محاولات الحل السياسي عبر إنشاء سلطة أوسلو التي لم تتوانَ في تشويه قادتها.
في عام 2006 أثبتت حماس للعالم أن الشعب الفلسطيني يقف خلف مشروع المقاومة بحصدها أغلبية تاريخية في الانتخابات التشريعية، ليقابلها الاحتلال وأعوانه بحصار مشدد وحروب عديدة لمحاولة إنهاء وجود الحركة، إلا أنها كانت تخرج بعد كل اختبار أقوى مما كانت عليه، وأصلب عودًا، وأصبحت رقما صعبا في معادلة الصراع ليس في فلسطين فقط بل في المنطقة بأسرها.
لذلك عند الحديث عن الانطلاقة لا بد من الحديث عن مستقبل ما بعد الانطلاقة وما بعد الانتفاضة وما بعد هذا المشوار من العمل النضالي والجهاد والصمود والثبات، نتحدث عن مرحلة التحرير، وهو الهدف الأساسي لحماس، وهو الهدف المنشود لشعبنا الذي انتظر كل هذه السنين للحظة العودة لأرض الآباء والأجداد، والعودة إلى مسرى النبي (صلى الله عليه وسلم) أقصانا ومسرانا، وهذه عقيدة راسخة لدى شبابنا وشيوخنا ونسائنا وأطفالنا، وأصبحت يقينًا لا يتزعزع بأن ذلك سيكون قريبًا، وما ذلك على الله بعزيز.