جميل أبو عياش، شهيد جديد ينضم إلى قافلة الشهداء الأبطال، في بيتا، التي أصبحت نموذجًا للمقاومة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ولم تعد بيتا القرية الجميلة الوادعة في الضفة الغربية، مجرد قرية ترضى بما يحيكه ضدها المستوطنون، بل أصبحت ثورة ونارًا على الاحتلال وعلى المستوطنين، إذ انطلقت فيها المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي بأشكال مختلفة خلال العام الحالي، مستمدةً من غزة التجربة في مواجهة الاحتلال، وقد نجحت في مراحل مختلفة، لكن طريق المقاومة طويل يحتاج إلى جهود كبيرة في ذلك.
جميل أبو عياش ما كان ليستسلم لاعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال الذين يريدون أن يصادروا الأراضي، ويشقوا الطرق الالتفافية، ويقطعوا ويحرقوا الأشجار، ويهدموا المنازل ويقتحموا القرية، يعيثون فيها الخراب والفساد، وتصاعدت منذ اتفاقية أوسلوا وتحولت الضفة الغربية إلى غابة من المستوطنات، ينتشر فيها قطعان المستوطنين، يعيثون فيها فسادًا وتخريبا، وتدميرا دون رادع.
بيتا تحولت لنموذج خاص من المقاومة الشعبية، التي انطلقت في مثل هذه الأيام من شهر ديسمبر 1987، حينما انتفض شعبنا بما يستطيع من حجارة وإشعال للكوشوك وعبوات وزجاجات المولوتوف، مرورا بمسيرة طويلة من المقاومة في وجه الإسرائيلي، نجحت في دحره عن قطاع غزة بالكامل. ثم حولت المقاومة حياة الاحتلال والمستوطنين إلى جحيم لا يطاق، ولم تكتفِ بذلك بل بدت المقاومة في غزة يحسب لها ألف حساب.
بعد أربعة وثلاثين عاما تمكنت الانتفاضة الفلسطينية من أن ترسم مسار مشروع المقاومة باعتباره المسار الوحيد لدحر الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين. وأن مشاريع التسوية الأخرى هي مشاريع فاشلة، لن تنجح في ردع مستوطن أو إطلاق سراح أسير، ولم تتمكن من حماية فلسطين في أرضه في الضفة الغربية، بل تحولت إلى ذراع ومشروع لخدمة المستوطنين وحمايتهم في الضفة الغربية.
هذا يتطلب أن تُطلق يد المقاومة بالضفة الغربية، لتتحول إلى سيف يقطع أيدي المستوطنين، وأن المقاومة الشعبية كما هي في قرية بيتا، نموذج فعلي وحقيقي يمكن البناء عليه، ودعمه وتوفير الإمكانيات المناسبة لذلك، ودعم المزارعين، وتوفير فرص عمل للشباب، وخاصة أن بيتا أصبحت مثلًا يُحتذى به في القرى المعرضة للمصادرة والاجتياحات في الضفة الغربية.