فلسطين أون لاين

"الكفاح بقوالب كيك" يحصد المركز "الثاني" في "الحب مع القصص"

...
حسن الجدي
غزة/ مريم الشوبكي:

بينما تلهو الطفلتان على الأرجوحة المعلقة وقاعدتها عجل كاوتشوك، قامت الأم بنشر الغسيل على حبل معلق في باحة المنزل، ما إن انتهت حتى اتجهت نحو المطبخ لتصنع قوالب الكيك لزبونة ستتسلمها بعد سويعات قليلة.

بقوالب الحلوى تحاول الأم تزيين حياة أبنائها، بتوفير دخل مادي يحقق لهم حياة كريمة، وذلك بعد استشهاد والدهم محمد الحواجري في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار التي انطلقت في 30 من مارس/ آذار لعام 2018م في قطاع غزة.

ما سبق هو ملخص فيلم قصير للمصور الفلسطيني حسن الجدي، من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وفاز به في المركز الثاني في مسابقة "الحب مع القصص" للأفلام القصيرة التي نظمتها مؤسسة" (ADARA) في إندونيسيا حول الوضع الإنساني للنساء والأطفال لصالح طريق الحياة في تركيا بمشاركة 19 دولة.

اختار الجدي قصة حياة زوجة الشهيد الحواجري، وتكبدها عناء الحياة ومصاريفها بعد رحيل سندها، وتعلم صناعة الكيك ولم تتخلَّ عن أطفالها، لتكون عنوان فيلمه القصير، فهي قوالب كيك مغلفة بالحب، وضحكات أطفالها تنسيها همومها المعيشة المضاعفة.

ويعمل الجدي مصورًا منذ أكثر من عشر سنوات، لوكالات أنباء محلية ودولية، وشارك في تصوير الحروب العدوانية التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، وفي توثيق انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين على السياج الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة منذ عامين.

يقول الجدي لـ"فلسطين": "ما ميز فيلمي أني اخترت قصة إنسانية لامرأة كافحت من أجل ضمان استمرارية حياتها برفقة أبنائها، ولم تتخلَّ عنهم فكانت لهم الأم والأب في ذات الوقت، في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية".

ويضيف: "الفوز في مسابقة دولية أمر عظيم بالنسبة لي، ولا سيما أنني نافست مصورين مخضرمين ومحترفين من 19 دولة حول العالم، واستطعت أن أوصل رسالتي من خلال الفيلم".

ويتابع: "لن يكون الفوز الأخير، فهذه الجائزة فتحت لي الطريق لتوسعة مشاركاتي في العديد من المسابقات الدولية، لتوصيل معاناة الفلسطينيين ولا سيما سكان غزة مع الاحتلال الإسرائيلي".

وحاز الجدي ثلاث جوائز عن أفضل صورة صحفية لمسابقات محلية في سنوات ماضية.

ويلفت إلى أن المصورين في غزة حققوا نتائج مشرفة، فالعديد منهم استطاع حصد جوائز عالمية، وهذا يثبت أنهم يمتلكون الموهبة ويستطيعون توظيفها واقتناص القصص الملهمة رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها وضعف الإمكانات.

ويشير إلى أن تحقيق المصورين الفلسطينيين نجاحًا كبيرًا على المستوى الدولي، يعني رفع اسم فلسطين في المحافل الدولية عاليًا، "وتذكير العالم بأسره بأن فلسطين موجودة على الخريطة، وأن هناك احتلالًا لا يزال ينتهك أبسط الحقوق الإنسانية، ويواصل القتل، ويحارب الصحفيين والمصورين، لأنهم ينقلون جرائمه للعالم".

ويطمح الجدي لخوض غمار التصوير خارج قطاع غزة، ولا سيما في البلاد التي تعيش صراعات وحروب لاكتساب خبرات ومهارات جديدة في عالم التصوير، وتوثيق معاناة الشعوب الأخرى أيضًا.

هكذا هي غزة، تصدر الفرح كما هي معتادة تجرع الألم، فالفرحة مغلفة بالكثير من الآهات، ولكن الحياة في غزة تستمر على الرغم من كل ذلك.