فلسطين أون لاين

فاز بمسابقة الشرق الأوسط للأبنية الخضراء

"الفلتر الأزرق" يعالج تلوث المياه بالتكنولوجيا الخضراء

...
المهندس الصادي
غزة/ هدى الدلو:

تعد مشكلة ارتفاع نسبة الملوحة إحدى المشكلات الجسيمة التي يعانيها قطاع غزة، إذ ترتفع نسبة النترات إلى مستويات قياسية يظهر أثرها واضحًا على تصحر الأراضي الزراعية، واعتماد المواطنين بشكل أساسي على شراء المياه المحلاة عبر حافلات تجوب شوارع القطاع.

ووضع تلك المعضلة الباحث صلاح الصادي أمام تحدي البحث عن حل مستدام، انتهى بابتكار الفلتر الأزرق الذي يعمل على معالجة المياه الملوثة بالنترات باستخدام التكنولوجيا الخضراء اعتمادًا على بذور النباتات.

واستغرق الصادي ثلاث سنوات من العمل التجريبي لابتكاره، الذي يعتقد أنه سيحد من تضرر الخزان الجوفي الذي تملحت 85% من مياهه نتيجة تسرب مياه البحر إليه.

وتصدر مشروع الصادي قائمة المشاريع الخضراء الفائزة في مسابقة الشرق الأوسط للأبنية الخضراء للمرة الثالثة، وتوج بجائزة "أفضل منتج للأبنية الخضراء للعام 2021 -فئة إدارة المياه"، والتي يقيمها مجلس الإمارات للأبنية الخضراء سنويًّا.

والصادي باحث في مجال المياه والبيئة، حاصل على درجة الماجستير في علوم المياه والبيئة، ومدرب ريادة أعمال في العديد من المؤسسات المحلية والدولية.

يقول لصحيفة "فلسطين"، إن كثرة مشكلات المياه في القطاع دفعته للاهتمام بالبحث نحو هذا النوع من المشاريع.

ويوضح أن "الفلتر الأزرق" هو عبارة عن مبادرة تهدف إلى خدمة أبناء الشعب الفلسطيني وتطوير تقنية معالجة المياه سواء كانت للزراعة أو الشرب، وذلك باستخدام تكنولوجيا خضراء خالية من أي إضافات كيميائية أو إهدار في استخدام الطاقة الكهربائية.

وعن ماهية "الفلتر الأزرق" يبين أنه مزيج طبيعي من بذور نباتات تمت معالجتها طبيعيًا بطرق جديدة عالميًا، ويتم توظيف هذا الخليط في تنقية المياه، لافتًا إلى أن النترات هو أكثر ملوث تتم إزالته في ابتكاره.

وتفيد معطيات مصلحة مياه بلديات الساحل بأن 3.6% فقط من الآبار في قطاع غزة تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية لتركيز مادتي الكلوريد والنترات.

وتصل نسبة تركيز الكلوريد في المياه إلى أكثر من 2000 مليغرام/لتر في مناطق عدة بقطاع غزة، والنترات إلى 300 مليغرام/لتر، وذلك بسبب التلوث الناجم عن تسرب المياه العادمة والمبيدات الزراعية، في حين أن النسبة المسموح بها، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تبلغ 250 مليغرام/لتر كلوريد، و40 مليغرام/لتر نترات.

ويعد عنصر النترات أحد أكثر الملوثات صعوبة في الإزالة عالميًا والأكثر كلفة، عدا عن أضراره في الصحة بشكل كبير.

تنقية وإعادة تدوير

ويشير الصادي إلى أن فكرة "الفلتر الأزرق" ستشجع العمل مع القطاع الزراعي بشكل كبير، لأن نظام المعالجة يسعى للاستفادة من كل متر من الأراضي الزراعية، إذ سيتم تجميع المياه في أحواض أو براميل إضافة إلى استخدام البذور المعالجة مع الزراعة في توفير المياه صالحة للري، وأعلاف وسماد من مخلفات المعالجة.

ويشرح الصادي آلية عمل المنتج، إذ يتم وضع قوالب الفلاتر في أحواض تجميع المياه وإزالة الملوثات من خلال عملية النقع، لافتًا إلى أنه تتم إدارة المياه بالتقنية الخضراء عن طريق تجميع المياه ومعالجتها من خلال عمليات النقع، وإعادة تدوير المخلفات الناتجة من عمليات المعالجة واستخدامها مرة أخرى.

ويقدم مشروعه عدة حلول تتمثل في الحصول على مياه ري نقية بإزالة الكلوريد والأملاح منها، وسماد طبيعي يستفيد منه المزارعون والمؤسسات الدولية المهتمة بالزراعة، ووزارة الزراعة، وسلطة المياه.

ويرى أن الإبداع في فكرة المشروع يتمثل في قدرته على توظيف التكنولوجيا الخضراء في الإنتاج، وتوفير سماد بسعر منخفض، ومياه معالجة للري، وعدم وجود آثار جانبية بل منتج صديق للبيئة، بالإضافة إلى فحوصات مستمرة للمياه والتربة من خلال ربط التكنولوجيا بشكل مباشر مع المزارع في أرض الميدان، ويسعي لربط ذلك بتطبيق إلكتروني عن وضع المياه ونسب الملوثات.

ويبين أن المشروع سيحقق استدامة مستمرة لأنه لا يوجد فاقد في المنتوجات، إذ يعمل على استغلال كل مكونات المشروع في تحسين الإنتاجية وتقليل الضرر البيئي، مؤكدًا أن "الفلتر الأزرق" رؤية فلسطينية لتشغيل الشباب، وتطوير القطاع المائي والزراعي، والإبداع في المخرجات الفلسطينية.

ويسعى الصادي لتطوير المشروع من خلال التشبيك مع المؤسسات المحلية والدولية المعنية بمشكلة مياه قطاع غزة، هادفًا من وراء ذلك إلى إنتاج نظام لمعالجة المياه صديق للبيئة، وإنشاء مختبر بحثي مركزي يستقطب جميع الباحثين وتطوير أفكارهم، وتوفير فرص عمل.

ومن المشكلات والتحديات التي واجهته صعوبة السفر لخارج القطاع، وعدم المقدرة على استيراد الأجهزة، وقلة أعداد الباحثين المهتمين في المجال للاستفادة من خبراتهم، وقلة الدعم المالي.