لا تملك سلطة المتخابرين في مقاطعة رام الله المحتلة وعلى مدار لهاثها الماراثوني في الرمال المتحركة للتفاوض العبثي، سوى الهرب إلى الأمام، ودوما تتقافز من الدلف إلى المزراب، والارتماء أكثر فأكثر في مستنقع العمالة الآسن مع عدو لا يقدم لهذه الفئة الضالة حتى الفتات، والتي يحرمها منها بين الفينة والأخرى إمعانا في إذلالها مع مطلع كل جولة مفاوضات.
فئة تعرف اليوم جيدا دورها وطبيعة المهام الموكلة إليها، وهي التي هندست بكل عار وشنار و"فخر" الدنيا صك إذعان أوسلو الذي تقطر من جنباته دماء الشهداء وعذابات المعتقلين والجرحى من أبطال ضفة القسام والهنود وبنات وسليمة وكل تلك الأيقونات التي تطرز أسفار الشعب الفلسطيني العظيم وتظلل أرواحهم كل أركان الوطن الطهور.
ورغم كل الصفعات والركلات التي يوجهها له فرسان الشعب المرابط الصامد الصابر والمتوثب، فلم يزل يعتقدن أنه بهذا الفلتان الأمني الماجن وما يمارسه الساقطون من هذا النفر الفاجر من أجهزة الأمن، أنه قادر على احتواء هذا النفير الهادر في جنين وجبع وبيتا ونعلين وبيت دجن وبيت فوريك وخليل الرحمن أيقونة الانتفاضات، ونابلس مدينة نارنا المتقدة الدائمة، وفي كل زاوية وشارع من مدننا وقرانا ومخيماتنا في ضفة تعلم أن الغد لها وأن الظفر صنعه الله لها ولرجاله المؤمنين.
لقد دخل عباس وزبانيته إلى عش الدبابير حين ولج قلاعنا الجامعية في جنين ونابلس وبيرزيت واعتقد بأضغاث أحلامه أنه سيزج الرجال والنساء الأحرار في أتون الاقتتال وفوضى السلاح، وأنه سيستمر في غيه دون مواجهة تقطع عليه الطريق، وأن مأزق مسيرة تقديسه للتعاون الأمني مع العدو سترى الفرج، ليفاجأ، ورغم الاجتماعات مع قيادات العدو الصهيوني الغادر جيشا وفي الشاباك، فإن الشعب وقياداته في فصائل المقاومة الباسلة قد توحدت في الميدان على كلمة سواء، وقد رفعت رايات حصار وبتر هذا الورم السرطاني الخبيث، وقد أضحت على مشارف نصر مؤزر وقريب بإذن الله. شعب فلسطين المحتلة الذي اندفع يحمل حجارته المقدسة يرجم فيها الشياطين المرتدين على سوية مواجهة العدو من بني جلدتنا، وعلى عدو لم يتعلم درسا جديدا واحدا، وما زال متغطرسا رغم دوي السقوط المهين أمام مغاوير المقاومة ولأكثر من عقدين ويزيد.
وتثبت ليوث ضفة غابات يعبد التي تعانق سماء المجد المقاوم أنها عصية على التطبيع والتطويع، وأنها ماضية دوما إلى الأمام، وهي تعلم تقاطيع الأرض وتفاصيل ملامحها الطبية التي تنحني وتحتضن أبناءها الأخيار، فتخفيهم وتحميهم، وحين يستشهدون تغطيهم بكل الحنو وقد قدموا المهج لحمايتها من دنس الفسدة المارقين وحتى يحين الحين.
هذه الأجساد الطاهرة الجسورة تراها اليوم في الشوارع وبصوت واحد موحد تردد رجعة الدنيا أن لا عودة أبدا حتى إسقاط وكر العمالة في مقاطعة رام الله المحتلة وردع أسيادهم جنود جيش عصابات القتلة.
ومقاومة غزة الفخار، وعنوان الوثوب المظفر الآتي، تعد العدة لقطع دابر هذا الأخطبوط المتغطرس، وهي تدرس الآن خيارات التصعيد، وتعطي مهلة سقفها أيام، وحتى نهاية العام لرعاديد جيشه، وتَعِد وهي وفية دوما لعهودها، بأن عندها للنزال رجال ستدك أرتال دباباته وألوية مشاته وبطاريات مدفعيته ومواقعه التي كانت حصينة فيما مضى من زمن، وسترى مستوطناته صغيرها وكبيرها لتجمعات كيانهم الزائل ما لم يخبروه من قبل، وأن القادم والمخفي أعظم وأن غزة الحرة ستحاصرهم ويعودون أسرى لرعبهم تحت الأرض، كما كان حالهم إبان معارك سيف القدس المجيدة جرذانا يتلمسون خطاهم مع كل صلية مباركة وسط جحيم هو قدرهم المكتوب على أيدي شعب الجبارين البواسل، وهم اليبوسيون أصحاب هذه الأرض منذ أكثر من خمسة آلاف عام، هذه الأرض الكنعانية التي أفنت العابرين وبقيت وقد لفظت كل الزبد وفلول من دنس تربها.
وتبقى القدس جوهرة تاج فلسطين، وقد أعلنت المقاومة أنها ترقب من كثب ما يجري من تدنيس وتغول على المسجد الأقصى المبارك ومحاولات التطهير العرقي في حي الشيخ جراح وبطن الهوى وسلوان واعتداءات المستوطنين في كل الضفة الفلسطينية المحتلة وفي اللد والرملة ويافا وأم الفحم والناصرة وجنين، وتعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام أنها تضع الإصبع على الزناد، وقد رأى العدو ما يعنيه القائد محمد الضيف الذي يتردد اسمه اليوم في القدس والباحات المطهرة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وبوابة السماء وفي اللد والرملة ويافا.
فصائل المقاومة وكلمة الفصل في أن يرفع العدو حصاره عن غزة، وبدء تعمير غزة ووقف كل عدوان على القدس وكل الوطن الأقدس فلسطين.
وتؤكد المقاومة أن صبرها بدأ بالنفاد، وأن كل الخيارات باتت مفتوحة وقد أعذر من أنذر.