فلسطين أون لاين

تقرير غضب بين موظفي السلطة بعد خصومات من رواتبهم واقتصاديون يحذرون

...
صورة أرشيفية
رام الله- غزة/ رامي رمانة:

آثار صرف حكومة اشتية رواتب الموظفين العموميين منقوصةً، حالة غضب شديدة في أوساط الموظفين، في حين اعتبر مراقبون اقتصاديون أن الحكومة تتخبط في إدارة أزمتها المالية، وتحمل فشلها على كاهل الموظفين، محذرين من مساعي السلطة إلى خفض معدل السيولة النقدية في قطاع غزة لتحقيق أغراض سياسية.

وشرعت حكومة اشتية، أمس بصرف رواتب موظفيها العموميين في الضفة الغربية وقطاع غزة، عن شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بنسبة (75%)، وبحد أدنى (1650) شيقلاً.

وعبر الموظف محمد جمال (51) عاماً، عن استيائه الشديد، لتلقيه (75%) من راتبه، مشيراً إلى أن الخصم يضعه في أزمة مالية شديدة لم يكن يتوقعها.

وأشار جمال لصحيفة "فلسطين"، أن نسبة الصرف الجديدة قلصت راتبه من (2600) شيقل إلى (1900) شيقل.

ولفت إلى أن (1000) شيقل من راتبه ذهب لتسديد مرابحة بنكية، وبقي له (900) شيقل.

وأكد جمال أن المتبقي من راتبه لا يغطي نفقاته على احتياجات أسرته، وتسديد الديون، ودفع رسوم جامعية، معبراً عن خشيته من استمرار نسبة الصرف الحالية في الأشهر المقبلة.

وأوضح الموظف أحمد محسن (50) عاماً أنه كان يتقاضى راتباً قيمته (4000) شيقل، قبل فرض السلطة عقوباتها الاقتصادية على غزة في عام 2017، مبيناً أن الراتب تقلص إلى (3000) شيقل، ومع العودة مجدداً لنسبة الصرف (75%) تلقى محسن (2200) شيقل.

وأكد محسن لصحيفة "فلسطين"، ضرورة أن تنأى السلطة عن المساس برواتب الموظفين في حل مشكلاتها المالية، مبيناً أن الموظفين العموميين في غزة يواجهون أوضاعاً صعبة، في ظل محدودية فرص الدخل، واستمرار الاحتلال في فرض حصاره للعام (15).

وأشار إلى إعالته (13) فرداً بينهم طلبة مدارس، إضافة إلى والديه المسنين اللذين يحتاجان إلى نفقات طبية شهرية.

وبرر رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، صرف الرواتب منقوصة إلى اقتطاع الاحتلال من أموال المقاصة بقيمة (214) مليون شيقل خلال الشهر الجاري.

من جانبه ألقى الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة باللوم على حكومة اشتية في فشلها بإدارة أزماتها المالية، وقال: "إن الحكومة تنتظر وقوع المشكلة ثم تبدأ في البحث عن حلول".

إرباك الموظف

ونبه دراغمة في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن تجزئة الرواتب من شأنها أن تربك الموظف، وتؤدي إلى ركود في الأسواق.

ورفض أن تسد حكومة اشتية عجزها المالي في توسيع الضرائب والرسوم على حساب المواطنين لتداعياتها السلبية، داعياً إلى نظام ضريبي شفاف.

وأشار إلى تناقض سلوك حكومة اشتية المالي، مبيناً أنه في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن أزمة مالية، تتخذ سلسلة ترقيات وتعيينات لكبار موظفي السلطة في رام الله.

وانتقد دراغمة قصور حكومة اشتية في الاستفادة الفعلية من الموارد الطبيعية في الضفة الغربية خاصة في المجالين الزراعي والصناعي.

وتُعد الضرائب المجباة محلياً وعبر المقاصة، مصدر الدخل الرئيس لحكومة اشتية إلى جانب رسوم المعاملات الحكومية بنسبة تبلغ (90%) من مجمل الدخل، في حين تواجه الحكومة تراجعاً في الإيرادات المالية الناجمة عن توقف معظم الدعم الخارجي الموجه لدعم الميزانية العامة، سواء الأمريكي أو العربي أو الأوروبي.

والمقاصة، هي أموال ضرائب وجمارك على السلع الفلسطينية المستوردة، تقوم سلطات الاحتلال بجبايتها، وتحولها شهريا إلى رام الله، بعد خصم جزء منها، بدل ديون كهرباء ومشافٍ وغرامات، وبدل مخصصات تصرفها الحكومة للأسرى والمحررين وأهالي الشهداء.

ويبلغ متوسط أموال المقاصة بعد خصومات الاحتلال، متوسط (700) مليون شيقل شهرياً.

من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي أسامة نوفل: إن السلطة في رام الله تفتعل أزمة مالية لتحقيق هدفين؛ الأول حث الدول المانحة على مساعدتها ماليا، والثاني، محاولة تقنين السيولة النقدية في قطاع غزة.

وأشار نوفل في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن التقارير الأخيرة أظهرت أن الإيرادات العامة لحكومة اشتية زادت خلال منتصف العام الجاري بنسبة (6%)، والنفقات تراجعت (20%)، أي لا يوجد أزمة مالية.

وأضاف أن السلطة تدرك جيداً أن رواتب موظفيها أحد مصادر السيولة النقدية في قطاع غزة، ومن ثم تحاول أن تستخدم هذه الورقة للضغط على القطاع لتحقيق أغراض سياسية.

ورجح نوفل أن تتراجع دورة الأعمال في غزة بسبب الاستقطاع الجديد، بحيث ينتقل من
(-47%) إلى (-50%).

ونبه إلى أن السلطة إن أرادت أن تبدأ بتقليص الرواتب فعليها أن تبدأ برواتب كبار موظفيها، وأصحاب الدرجات العليا دون المساس برواتب صغار الموظفين.