فلسطين أون لاين

"المعلم الروبوت".. وافد من مواد مهدرة يستنهض تفاعل الطلبة

...
غزة/ مريم الشوبكي:

دخل الروبوت الغرفة الصفية برفقة المعلم حسن الرزي وألقى التحية: "السلام عليكم"، ليرد الطلبة بالتحية ذاتها، طلب منه المعلم منه أن يعرف عن نفسه ليجيب: "أنا مستر روبوت، كيف حالكم؟".

مجرد أن دخل الروبوت الفصل الدراسي انفرجت أسارير الطلبة ودب النشاط في نفوسهم، إذ كتب المعلم الرزي على السبورة البيضاء "الدوائر الكهربائية"، وهو عنوان درس مقرر العلوم الهندسية لهذا اليوم، مستعينًا بالروبوت ليقدم للطلبة بعض المعلومات عنها.

وقبل أن يشرع في شرح الدرس، سار "مستر روبوت" بين مقاعد الطلبة، مبادرًا بسؤالهم: "أخبروني ماذا تعلمتم في الحصة الماضية؟"، وهنا تسابق الطلبة على الفور لرفع أيديهم للإجابة.

الرزي هو صاحب ابتكار الروبوت الذي يعينه على شرح مقرر العلوم الهندسية في مدرسة البسمة الحديثة الخاصة، وأول مرة يشارك روبوت في العملية التعليمية بمدارس قطاع غزة.

يقول الرزي: "الحاجة إلى تصنيع روبوت برزت حينما أردت أن يكون لدي نموذج حقيقي أمام الطلبة تطبيقًا للمعلومات التكنولوجية التي أعلمهم إياهم في المقرر، ويستطيعون فيما بعد صناعته بأنفسهم".

يبين الرزي لـ"فلسطين" أن صناعة روبوت تفاعلي، متحرك، وناطق ليست بالأمر السهل، فمعظم المواد التي تستخدم عادة في صناعة الروبوت غير متوافرة في قطاع غزة، لأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخالها.

ويلفت إلى أن المواد التي استخدمها في تصنيع الروبوت بعيدة كل البعد عن المواد الأساسية في عملية التصنيع، وأوجد بدائل أخرى لها، وأعاد تدوير مواد مهدرة كالكرتون المقوى، والخشب.

ويوضح أن هيكل الروبوت مصنوع من الخشب والورق المقوى، وفي القاعدة والرأس ثبتت اللوحات الإلكترونية، إذ يتحكم به عن بعد.

ويبين الرزي أنه يدخل بيانات صوتية لكل الدروس الذي يشرحها يوميًّا للطلبة، باختلاف مراحلهم الدراسية، ويتحكم فيها لإيصال المعلومات التي يريدها للطلبة من طريق الروبوت ليتفاعلوا معه داخل الحصة، ويجيب عن أسئلتهم.

وعن الأثر الإيجابي الذي لمسه الرزي على نشاط الطلبة في الفصل يقول: "الطالب حينما يتلقى معلومة من أستاذه يكون وقعها عاديًّا لأنه تعود ذلك، ولكن حينما يتلقاها من كيان جديد بشكل إلكتروني؛ يثير الأمر لديه الفضول للبحث والتقصي أكثر من أجل البحث عن أسئلة جديدة ليطرحها عليه".

ويضيف: "هذا الأثر الإيجابي حفزنا على ابتكار وسائل تكنولوجية أكثر تنوعًا للارتقاء بالتعليم داخل المدرسة، ورفع كفاءته وجودته".

واللافت للأمر أن الروبوت برمج لفهم اللغة العامية للأطفال، وفي المقابل كان الطلبة يطرحون الأسئلة باللغة العربية الفصحى التي ينطق بها الروبوت، وهذا ما كان يهدف الرزي إلى تحقيقه مع طلبته بتعزيز التحدث باللغة الفصحى، إلى جانب المهارات الأخرى.

والروبوت هو نموذج أولي لقياس مدى كفاءته داخل الصفوف، والتفاعل الإيجابي للطلبة مع المادة الدراسية أثار لديه الرغبة في تطويره، ليواكب صناعة الروبوت في الدول المتقدمة بكل المقاييس.

ويتطلع الرزي إلى أن تطوير الروبوت بإدخال مجال الذكاء الاصطناعي عليه، ليكون قادرًا على التحكم الذاتي الكامل، منبهًا إلى أن الأمر ليس بالسهل البتة، لأن بعض العناصر الإلكترونية من الصعب توفيرها في غزة.

وعبر مادة العلوم الهندسية يساعد الرزي طلبته على ابتكار مشاريع تخرج خلاقة، تحاكي مشاريع التخرج في الجامعة.

وبـ"مستر روبوت" استطاع الرزي كسر الجمود في عملية التعليم التي تتمحور بين التلقين والحفظ، إذ خرج عن التقليد بنموذج حي يحفز مدارك الطلبة على الإبداع، والاختراع، والابتكار، ومنافسة معلمهم أيضًا.