فلسطين كلها على أعتاب مرحلة سياسية جديدة، ولا سيما بعد دخول السولار المصري إلى محطة التوليد في قطاع غزة، فالنقاش الذي جرى قبل دخول السولار، وانتظار الدخول، والاعتراضات على الدخول، والتدخلات الكثيرة لمنع الدخول، كل ذلك يؤكد أن دخول السولار المصري قضية سياسية، وقد دخل إلى قطاع غزة رغم أنف محمود عباس، الذي تحدى سكان غزة، وقال جملته الشهيرة: على جثتي سيدخل السولار إلى قطاع غزة!
لقد دخل السولار المصري إلى قطاع غزة هذه المرة من خلال معبر رفح مباشرة، وليس من خلال معبر "كرم أبو سالم" الإسرائيلي، الذي كان يعبر منه السولار المقدم من دولة قطر، ولفتح معبر رفح دلالات كثيرة، تتحدث عن قدرة مصر على فتح المعبر التجاري في مرحلة لاحقة دون موافقة محمود عباس، وقدرة مصر على فتح معبر للمسافرين على مدار الساعة دون أخذ إذن من أحد، وهذا ما يتمناه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو دفع ثمن الوقود المصري من أمواله الخاصة، كدليل على أن أزمة الكهرباء المفتعلة في قطاع غزة لا تعود لأسباب مالية محضة، وإنما قطع الكهرباء عن سكان قطاع غزة له أبعاد سياسية، وإليكم الدليل:
1ـ ذكرت مصادر مقربة من النائب محمد دحلان أن سلطة النقد الفلسطينية، والتي تأتمر بأمر محمود عباس، قد حاولت إعاقة وصول السولار المصري إلى غزة، وذلك من خلال الضغط على البنك العقاري المصري، المكلف بنقل المال من غزة إلى مصر، حيث تم تهديده بالمقاطعة، وهذا ما تم تداركه بطرق أخرى لم يفصح عنها المصدر.
2ـ وردت معلومات من هنا وهناك تفيد بأن السلطة الفلسطينية تهدد محطة التوليد بفك العقد القائم مع السلطة، إذا اشتغلت المحطة بالسولار المصري، وهذا أمر يسهل السيطرة عليه.
ما سبق من قرائن يؤكد أن حرمان سكان قطاع غزة من الكهرباء هو أمر متعمد ومدروس، وتحركه مصالح تنظيمية، وله أهداف سياسية؛ أقلها فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بشكل نظامي بعد أن عمل محمود عباس سنوات طويلة على فصلها بشكل عملي.
لقد رفضت مصر الاستجابة لنداءات محمود عباس بمواصلة حصار قطاع غزة، ولهذا الرفض تأثير على مجمل العمل السياسي الفلسطيني في المرحلة القادمة، وهو مؤشر على أن اللقاءات التي تمت بين حركة حماس والتيار الإصلاحي في حركة فتح قد أثمرت، وأن التفاهمات بين الطرفين تحظى بثقة مصر في هذه المرحلة، وهي واجهة العمل السياسي المقبولة على مصر والدول العربية في المرحلة القادمة، وهذا يمثل اعترافاً مصرياً بالواقع الفلسطيني القائم في قطاع غزة، والذي ستعقبه ارتدادات لن تقف تداعياتها عند حدود قطاع غزة.
إن دخول السولار المصري إلى غزة قد أسعد قلوب الناس جميعهم، فهو يحمل البشائر بأيام مضيئة لسكان غزة، ويحمل البشائر بمستقبل أقل توتراً، وأكثر أمناً واطمئناناً، ولا سيما أن جوع أهل غزة إلى السفر لا يقل عن ظمئهم إلى الكهرباء، ورغبة أهل غزة في رؤية القرار السياسي الفلسطيني متحرراً من الاستبداد والدكتاتورية تظل هي المجال المفتوح للعمل والتعاون التنظيمي والنشاط السياسي في المرحلة القادمة.