برزت شركة الاتصالات الفلسطينية والشركات المزودة لخدمات الإنترنت كنجم لامع في ظل معترك حجب المواقع الإخبارية الفلسطينية عن الجمهور مؤخرًا، فقد انصاعت وفقًا للشواهد الحية الملموسة بشكل فوري لقرار النائب العام في رام الله بحجب عدد من المواقع الإخبارية ودون أي اعتراض قانوني، وهو ما جعلها تفشل في اختبار الثقة وحماية حق الجمهور بالحصول على المعلومات وفقا لما يؤكده خبيران.
ولاحظ المتابعون لعدد من المواقع الإخبارية الفلسطينية الإلكترونية ظهور رسائل حجب هذه المواقع، وهو ما فُسر لاحقا بكونه إجراء تم وفقا لقرار من النائب العام بتهمة مرجعية المواقع المحجوبة لحركة "حماس" والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان.
يقول الخبير في الشأن القانوني والإعلامي ماجد العاروري إن شركة الاتصالات والإنترنت كان يتوجب عليها بالحد الأدنى التوجه للقضاء في ظل مخالفة القرار الإداري الموجه لها من النيابة العامة الفلسطينية في رام الله أو الجهات الإدارية في السلطة الفلسطينية للقانون.
ويؤكد العاروري لصحيفة "فلسطين"، أن مخالفة قرار الحجب للقانون "واضحة"، سيما وأنه حجب وحظر أي وسيلة إعلامية لا بد وأن يتم بأمر قضائي، وأن توجه إنذارات خطية وفقا لقانون هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في حال المخالفة للوائح، وهو ما كان يوجب على شركة الاتصالات الحصول على أمر مستعجل من القضاء بمنع هذا الحجب.
ويشير إلى أن شركة الاتصالات اهتمت بعدم ذهابها للقضاء بعلاقتها مع الإدارة الرسمية للسلطة، وأهملت علاقتها مع الجمهور في ظل الاستجابة السريعة لقرار الحجب وعدم الاعتراض عليه، وهو ما يثير قلقا مستقبليا عن إمكانية استجابة الشركة لانتهاك أي خصوصية للجمهور في حال طلب منها ذلك.
ويتساءل العاروري: "هل ستكون هذه الشركات أمينة على حماية خصوصية زبائنها بعد اليوم لو تلقت أمرًا من جهة غير مختصة بانتهاك هذه الخصوصية؟ وهل ستكتفي بأن القرار جاء من فوق؟"، "من فشل في الحماية في الأولى سيفشل في الثانية".
ويلفت إلى أن الجمهور الفلسطيني المتابع للمواقع الإخبارية المحجوبة وحتى غيره من المهتمين بات في حالة استياء واسعة من شركة الاتصالات والإنترنت، واكتفائها بالالتزام بالقرار الموجه لها من قبل النيابة العامة.
ولاقى قرار حجب المواقع الإخبارية استياءً واسعًا في صفوف الإعلاميين والنشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقد دشنوا وسم هاشتاق (#لا_للحجب) تعبيرًا عن رفض الإجراء الذي اعتبروه قمعًا صريحًا لحرية التعبير.
يشير الخبير الإعلامي د.سعيد شاهين إلى أن حجب المواقع الإخبارية يعد انتهاكًا لأحكام القانون الأساسي وقانون المطبوعات والنشر لعام 1995، وخرقًا لتدفق المعلومات تجاه الجمهور، لافتا إلى أن قرار الحجب الذي صدر من قبل النائب العام لا يمثل مصلحة وطنية بقدر ما هو التزام بتوجهات سياسية.
ويلفت شاهين لصحيفة "فلسطين"، إلى أن شركة الاتصالات كان يتوجب عليها ولا زال ألا تقف تحت دور المتلقي للأوامر والتوجيهات من الإدارة السياسية أو السلطة التنفيذية، موضحا أن صمت الشركة وعدم لجوئها للقضاء لوقف قرار حجب المواقع الإخبارية جاء بوضوح من أجل الحفاظ على ديمومتها.
ويؤكد أن صمت الشركة عن رغبات الجمهور، والتزامها فقط بما صدر لها من توجيهات بحجب المواقع الإخبارية، جعلها تفشل في ثقة حماية حق الجمهور في الحصول على المعلومات، والوقوف إلى جانب مصالحها على أولوية أخرى.
ويتوقع شاهين وجود قناعة لدى شركة الاتصالات الفلسطينية والشركات المزودة للإنترنت بعدم اللجوء للقضاء والقانون في مثل هذه الحالة أو حالة أخرى لعلمها المسبق بالنتائج التي من الممكن أن يظهرها القضاء والتي لن تعارض في نهاية المطاف التوجه السياسي.