فلسطين أون لاين

"نبض القيود".. حياة الأسرى بين التعذيب ومشاعر الحب والشوق

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

كاتبة شابة لديها موهبة الكتابة، فلسطين حاضرة في كل رواياتها، لا تنفك عن استخدام الأدب كأداة لتوصيل معاناة الفلسطينيين، آخرها كان رواية "نبض القيود" التي تروي مشاهد التعذيب والشوق والحب لدى الأسرى.

فازت نبض القيود لإيمان أبو نعمة مؤخرًا بالمسابقة الثقافية الدولية لمؤسسة هبة بنداري للتنمية، لأفضل رواية للشباب الأدباء بالمرتبة الأولى على الوطن العربي، وهي الفائزة الوحيدة من فلسطين.

أبو نعمة (35 عامًا) تعمل معلمة للغة عربية بمدينة غزة، تهوى كتابة القصص، والروايات، والرسم، والإنشاد. روايتها لم تكُن الأولى بل حصدت في السابق العديد من الجوائز لإصدارات عديدة نشرتها خارج فلسطين.

تقول أبو نعمة لـ"فلسطين":" في ظل اعتداءات الاحتلال المتكررة على المقدسيين والحصار الذي ينشب براثنه في غزة والعدوان المتكرر عليها والانتهاكات لحقوق الأسرى، كان لا بد لي أن أكتب رواية أسطر آلام المكلومين في غزة والقدس متطرقةً للأحداث التاريخية القائمة في كلتا المدينتين لما لهما من أهمية على صعيد القضية الفلسطينية، ومتحدثة عن آلام الأسرى فأصور مشاهد التعذيب ومشاعر الشوق والحب".

تتابع: "تواصلت مع العديد من الأشخاص خارج غزة من العرب والأجانب ووجدت أنه على الرغم من حبهم لأهل فلسطين فإنهم يحتاجون إلى التوعية بمعاناتهم، خاصة بما يخص معاناة الأسرى، وأهل القدس في ظل اعتداء الاحتلال على المقدسات وعلى البيوت".

تضيف أبو نعمة: "كما يحتاجون إلى تبصير أكثر بالبصمة التي يتركها العدوان على غزة في حياة قاطنيها، ولأننا كعرب نفتقد الشباب القارئ المثقف الذي يقرأ الكتب العلمية والتاريخية، وإنْ قرأ فهو ينكب على قراءة الروايات البوليسية أو الرومانسية، قررت أن أكتب رواية تجسد هذه المعاناة مسطرة بقلمي بعض الأحداث المهمة"، وفق اعتقادها.

وتكمل أن إيصال قضية فلسطين للشباب العربي "واجب علينا ككُتاب، لذا قمت بتأليف الرواية بأسلوب أدبي شيق ولغة متينة أستند إلى العديد من الحقائق والأحداث التاريخية وأستأنس بالقصص الحقيقية التي سمعتها من ألسنة أهلها وأسقطتها على شخصيات الرواية".

من أجواء الرواية

وتصف في نص مقتبس من روايتها أجواء المدينة العتيقة والحياة اليومية للمقدسيين: "ثم انطلقتُ نحو وجهتي أمرُّ بشوارع القدس فأشتم عبق التاريخ من أزقتها وهو يختلط برائحة البهارات والفلافل المقلي، وأرى الكعك المقدسي وهو يخبز بأفران الطين حتى تنتفخ أوداجه فيخرج منها منمشًا بالسمسم الأحمر، على حين تعلو أصوات الباعة مانحة الحياة للمدينة البائسة رغم جمالها، ثم سرت في طريق طويلة معتدلة حتى بدأتُ ألمح القبة الذهبية وهي تشرق من بعيد، وكأنها احتوت كل نعيم الدنيا فاستنزفت ببهائها كل معاني الجمال، عندها عجّلتُ خطواتي كي أرتمي في أحضانها، وأرتوي من مائها، وأستنبعُ الهناء من رؤياها ، فمن نظرة واحدة لها تسكن الروح ويهفو الفؤاد وكأنها ممر الروح للسماء".

وفي وصفها لمشاعر شوق شهد خطيبة الأسير أسيد وهما بطلا الرواية كتبت: "تمر الأيام، ولا يمر هو بظلي، ويبقى هناك خلف سياج البعد، وأنا هنا لا أجده يشاطرني رغيف الخبز ولا قهوة الصباح، فأطرز الأحلام النائمة، وهي ترسو في الظلال البعيدة؛ كل شيء يمضي ببطء شديد، فالوقت أمام مشاعر الشوق يحتضر، حتى صرتُ قنبلة قابلة للبكاء، لا أمتلك سلاحًا فتاكًا لأحمي نفسي من أسنة الشوق إلا تلك الدموع المرتجفة التي تكبر في محاجري الهشة، فأحتمي منها خلف ستار الصبر، ولكنه الشوق للحبيب الذي كلما باغتني، لا أستطيع منه فرارًا.. فليعذرني".

التصاق بالقضية

وتلفت إلى أنه قبل أن يشرع الكاتب في الرواية يجب أن يكون ملمًّا بالقضية التي نذر روايته من أجلها، فكثيرًا ما كانت تلجأ للبحث عن تداعيات الأحداث التاريخية، ومعاناة الأسرى، وكيفية حياتهم اليومية، ومعاناة المقدسيين من هدم الاحتلال لبيوتهم. كما تطرقت لوضع التعليم بالقدس، ومحاولة الاحتلال تمرير مناهجه المزورة على المقدسيين.

وعن إصداراتها الأخرى، تذكر أن إصداراتها المنشورة والموجودة بالأسواق حاليًّا هي "طباشير ملونة"، و"لعنة الماضي"، أما التي في طريقها للنشر "غزة والعشرون بطلًا"، ورواية "نبض القيود".

وعن الذي ميز رواية "نبض القيود" عن غيرها لتفوز بالمرتبة الأولى تجيب أبو نعمة: "عنصر التشويق في الرواية، فكل فصل من فصولها يشوق الكاتب لقراءة الفصل الذي بعده، كما أن لغة الرواية شاعرية جدًّا تطرب القلب، وهذه طبيعة كتاباتي، فقد وجدت أن الشباب بطبيعتهم يميلون لهذا النوع من الكتابة، فهم يحبون اللغة الرقيقة المنسابة".

وعن مشاركتها اللافتة في المسابقات الأدبية خارج فلسطين، تبين أنها تشارك فيها لترضي طموحها، فالفوز بالمسابقات يعني أنها تميزت عن الآخرين.

وتأسف لعدم توفر مسابقات ثقافية في فلسطين بشكل واضح، "ولو وجدت فهي لا تنال الدعم الجيد من المؤسسات، ولا يكون للإعلام دور فعال وحقيقي في نشر إبداعات الأدباء الشباب وتسليط الضوء عليهم".