من هو فادي أبو شخيدم؟ أنا لا أعرف عنه شيئا خاصا، غير أنه فلسطيني يعيش تحت الاحتلال، ويشاهد يوميا كيف ينكل الاحتلال بمواطني بلدته القدس، وكيف تهدم جرافات الاحتلال منازل المواطنين الفلسطينيين بحجة عدم وجود تصاريح بالبناء من بلدية القدس. فادي يعلم أن بلدية القدس لا تمنح المواطن الفلسطيني رخص بناء أو ترميم الموجود، كما تمنحها للمستوطنين.
فادي ابن القدس، ابن المسجد الأقصى، وهو في كل يوم يشاهد اقتحامات المتدينين للمسجد الأقصى، للتمهيد لعملية التقسيم المكاني والزماني. وحين كان يذهب للصلاة في المسجد الأقصى كان صدره يمتلئ بالغاز المسيل لدموع الممزوج بمواد حارقة للغشاء المخاطي، وكان يؤلمه ما يراه من عدوان غاشم على النساء المرابطات في المسجد الأقصى. كانت نساء الأقصى يصرخن وإسلاماه، ويناشدن "الضيف" طلبا للمساعدة.
يقال: إن فادي كان يتألم كثيرا لعمليات الإفساد الأخلاقي والسلوكي المبرمج الذي تدير شبكته أجهزة المخابرات الصهيونية بين الشباب والشابات، وكان يشهد تزايدا مدروسا لعمليات ترويج المخدرات وإسقاط الصبية في الرذيلة والعمالة.
كان يتألم كثيرا من هذه المظاهر وتداعياتها على القدس (مكانا ومكينا)، وكان يؤلمه أكثر أن وطنه محتل، وأنه لا يملك الحرية ولا السيادة، بينما التهويد يتواصل، والاستيطان يستشري، والسلطة الفلسطينية عاجزة، وغارقة في مستنقع المفاوضات والتنازلات، ولأنه عاش الحرية والكرامة مع الكتاب الكريم والسنة المطهرة، قرر أن يتخذ قرار مقاومة المحتل بالطريق المجدي، والذي يؤثر في المحتل ويؤلمه، ومن ثمة قرر طلب الشهادة أو النصر. هو تصرَّف باللغة التي يفهمها المحتل عادة، وقال لمن خلفه هذا هو الطريق للحرية والكرامة.
فادي نموذج للوعي الشبابي الفلسطيني، وهو حالة قابلة للتكرار ما دام الاحتلال موجودا، وما دام المحتل ينشر فساده بين أبناء القدس. إن نماذجه من السالكين طريق الحرية والكرامة لا تتوقف إلا بعد التحرير وتقرير المصير. وإن حملة الاعتقالات الواسعة النطاق للشباب لن تفسد هذا النموذج، ولن تعطل حركة من يحملون هم الأقصى والقدس.