انعقد بالأمس في مدينة غزة، في قطاع الصمود والصبر والرباط، المؤتمر الوطني الشعبي الحاشد الذي دعت إليه فصائل العمل الوطني والإسلامي، تحت شعار: "المقاومة حق مشروع.. الاحتلال هو الإرهاب"، رفضا واستنكارا للقرار البريطاني بتصنيف حركة المقاومة الإسلامية حماس، منظمة إرهابية.
لقاء يعبّر عن وحدة الشعب ممثلا بمقاومته الباسلة ونشطائه ورموز مجتمعه المدني ووطنييه في مواجهة عدوان منهجي منظم ومتواصل لعقود مضت، وهذا الصخب الذي يعلو اليوم لهؤلاء القتلة وداعميهم على المستوى العالمي والمتخابرين معهم على المستوى المحلي في الطابور الخامس من أبناء الجلدة.
لقد صرح وزير جيش العدو بيني غانتس، وهو الذي يلتقي عباس سرًا وعلنا، داعيا العالم للحاق ببريطانيا واتخاذ ذات الإجراء ضد أيقونة المقاومة ومحط إجماع الشعب الفلسطيني (حماس) في محاولة يائسة وبائسة لوضع الرأس في الرمال لأصحاب السجل الدموي الإرهابي الأسود لمجازر أعدم فيها وجرح الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين العزل الذين استهدفتهم الطائرات أمريكية الصنع وهم في بيوتهم التي دمرت على رؤوسهم إبان عدوانات لم تتوقف؛ هروبًا إلى الأمام من هزائم مدوية أمام صمود فرسان المقاومة الذين أذاقوه مرارة الانكسار وذل الخسران.
وينعق بوق أجش آخر حين ينادي وزير خارجية العدو لابيد دول العالم بأن تحذو حذو بريطانيا وتجرم حماس ومطالبة تركيا بإغلاق مكاتبها في إسطنبول.
هذا السعار الجهنمي يجد صداه لدى أدواتهم المتخابرة في مقاطعة عار أوسلو في رام الله المحتلة حين تتحرك أجهزة عباس الأمنية لمتابعة دورها القذر في اعتقال العشرات من رجال المقاومة وطلاب الجامعات والمحررين لوقف ما يسمونه "الفوضى" في رد فعل على المشهد الوطني الفلسطيني العظيم حين شاركت الجموع الغفيرة من أبناء الشعب وقياداته وكوادره من فصائل المقاومة الباسلة وقاماته الوازنة الكبيرة الوفية لرموز منضاليها في جنازة القائد الوطني الفلسطيني وصاحب الأيدي البيضاء في تعزيز الوحدة الوطنية مع الجميع وصفي قبها.
فقد كان ذلك صادما ومزلزلا لحفنة سلطة التآمر على الثوابت الوطنية وعلى رأس وكر المتخابرين فاندفع بهستيريا -وهي إحدى سماته- لإقالة عدد واسع من أزلامه المخلصين ونفي آخرين.
وتجد خطط وخطوات التنسيق مع العدو المحتل ضالتها بعد عمليات القدس البطولية وآخرها عملية باب السلسلة التي قادها ابن حماس وعالمها وشيخها الجليل الذي فدى قدسنا بدمائه العطرة الشهيد فادي أبو شخيدم المعلم والمرابط دوما في أروقة بوابة السماء وقبلة المسلمين الأولى بكل رمزيتها وتجذرها وعلى تقاطع مركزي في البلدة القديمة وواحدة من بوابات المسجد الأقصى المبارك ونقطة مرور المستوطنين ومسيرات أعلامهم وتجمع قطعان قواتهم ووحداتهم الخاصة اليمام ودفدوفان وحرس الحدود وبؤر سوائب مستوطنيهم المسلحين ومئات كاميرات المراقبة التي تحصي أنفاس المواطنين المقدسيين، كل هذا وغيره كثير جاء صفعة وطعنة نجلاء لاستخباراتهم وما تقدمه سلطة حصان طروادة حتى في قدس الأقداس.
وتستمر القدس في كفاحها المتواصل المجيد رغم تدمير المنازل والقتل وحملات التنكيل والتفتيش والمداهمات والاعتقالات على مدار الساعة، وسيكون -وكما تقدر أجهزة العدو الأمنية- للقدس دورها كصاعق مفجر لانتفاضة عاصفة.
وتقول القدس اليوم كلمتها الفصل حين تفاجئ الجميع بأن مرحلة جديدة ومفصلية على الطريق.
وليس بعيدًا عن هذا ما يجري في كل الضفة الفلسطينية المحتلة على امتداد مدنها وقراها ومخيماتها وهو الذي يدفع اليوم أجهزة الأمن الصهيونية والأمريكية والعربية للتحرك لإسناد أجهزة عباس بالمال والسلاح، وقد كان هذا عنوان اللقاء الذي جمع رئيس جهاز الشاباك مع الذي يقدس التخابر محمود عباس والذي أعطى ثماره المرة في حملات الاعتقال المشتركة التي تجري في جنين وسلفيت ورام الله ونابلس وفي القرى والمخيمات المحيطة بها.
وقد جاءت آخر تصريحات محافظ جنين اللواء أكرم الرجوب في حديثه الصحفي لوكالة "وطن 24 "، كي تؤكد ودون أي مواربة ماذا فعلت سلطة عباس وعلى مدار ثمانية وعشرين عامًا ونيف وإلى أي منحدر سحيق قذر انحدرت، وما هو جوهر خططها الأمنية للغد لإنجاز مهام تقاسمها الوظيفي الذي أعدت له بعناية، وهو يعلن: "لقد قررنا -ولكنها أوامر السيد المحتل- البدء بحملة أمنية، بدايتها في جنين، فلن نسمح بوجود السلاح، الذي يسمى سلاح المقاومة -هكذا- لأن هذا السلاح يضر بالعلاقة مع (إسرائيل)، بل ويعترف بأن حملة الاعتقالات الجارية في جنين، هي ليست إلا بداية المنظومة الأمنية الجديدة بعد إعادة بنائها وفقا للتغييرات الأخيرة.
وبكل وقاحة الأرض، يعلن أنه لا سلاح شرعيًّا سوى سلاح السلطة، ومعلوم أنه سلاح سلمه الاحتلال بعدده وعدته وبأرقامه المحفوظة وبالمراقبة عليها دوريا وقام ضباط العدو والأمريكيين بتدريبهم عليها وبتحديد المهام المأمور بإنفاذها بدقة.
ويختم اللواء حرب الرجوب -بفخر-: "أن التنسيق الأمني مع الجانب (الإسرائيلي) وكذلك التغييرات الأخيرة لقيادة الأجهزة الأمنية في جنين كانت ضمن خطة تطوير العمل بين الجانبين". ولم يشأ هذا الجنرال إضافة تفصيل مهم، فقام رئيس الشاباك الصهيوني بكشفه إذ قال صراحة، أن ما تم في جنين تم بعد أن بلغ عندنا السيل الزبى.
ما تقدم لا يحتاج لكثير تعليق! فبكل جلاء -لمن لم يكتشف ذلك منذ أكثر من ربع قرن على الأقل- فما يجري هو عمالة واضحة وفاضحة وبمردوداتها الفادحة، تقتضي ردا وقد تأخر حد الكارثة، وذهبت معه جل ثوابتنا الوطنية!
فيا رجال المقاومة الأطهار، وأبطالها الذين نعرف أنكم لها وفرسانها، في جينينغراد وفي كل ضفة محمود الهنود الذي نحيي اليوم ذكرى استشهاده، وقد أحيينا منذ أيام معارك العز والمجد في أحراش يعبد جنين الذكرى السادسة والثمانين ذكرى استشهاد رمز وعنوان المقاومة في فلسطين شيخنا الرمز عز الدين القسام، فماذا أنتم فاعلون، وما هي وصية شهيدنا الجليل بطل القدس الشيخ فادي أبو شخيدم، فأنتم من سيعلق الراية ويرسم النصر وفصل النهاية.