فلسطين أون لاين

حوار "حماس": اللاجئون جوهر قضية فلسطين واستهداف "أونروا" متعمد لتصفيتهما

...
د. محمد المدهون رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس (أرشيف)
غزة/ أدهم الشريف:

أكد رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس د. محمد المدهون، أن اللاجئين يمثلون جوهر القضية الفلسطينية، عادًّا أن استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، "متعمد ويهدف إلى تصفية قضية اللاجئين والوكالة الأممية معًا".

وبيَّن المدهون في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أن الأطراف المعادية لقضية اللاجئين وحق عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها إبَّان النكبة سنة 1948، انطلقت وفق مبدئها في استهدافه القضية بأن الكبار يموتون والصغار ينسون، لكن عدم نسيان الصغار وتطور المقاومة جعل هؤلاء يعيدون حساباتهم.

وإذ يؤكد المدهون أن جوهر قضية اللاجئين لم يتأثر بمحاولات الاستهداف المتنوعة ولم يتغير وصفها منذ النكبة، فهو يشير إلى أن التهديدات والمخاطر ضدها تضاعفت في العقد الأخير بدرجة كبيرة، وبأوجه عديدة.

مخاطر وتهديدات

وأول هذه المخاطر بحسب المدهون، محاولات متعددة عناوينها كثيرة، الأول يرتبط بمحاولة تغييب وعي الشعب الفلسطيني بقضاياه الوطنية وعلى رأسها اللاجئين، وتصاعدت هذه المحاولات مع إقتناع الاحتلال ورعاته بإصرار الشعب الفلسطيني على ارتباطه بأرضه، وتطوير وسائل المقاومة لديه.

ومن المخاطر أيضًا التي تهدد اللاجئين، تعمد استهداف وكالة الغوث التي تمثل "شاهدًا حيًا على وجود قضية اللاجئين"، مشيرًا إلى أنها من المؤسسات التي خدمت قضية اللاجئين منذ إنشائها من الأمم المتحدة عام 1949، أي قبل أكثر من 73 سنة، كما يضيف المدهون.

وتابع: إن أونروا تتعرض لاستهداف كبير ومباشر من أجل شطبها وإلغاء وجودها، ولهذا الاستهداف أشكال وأبعاد متعددة، تجلى خلال تولي دونالد ترامب رئاسة الإدارة الأمريكية، وسعيه بقوة لإنهاء دورها بالكامل بقطع التمويل الأمريكي السنوي الذي كان مقدمًا للوكالة الأممية؛ وتزيد قيمته عن 300 مليون دولار في العام الواحد.

وعدَّ أن محاولات الابتزاز من إدارة ترامب كانت واضحة وعلنية، لكن الابتزاز الحاصل من إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، جاء بطريقة ناعمة بإصرارها على استئناف تمويل "أونروا"، لكن شرط ما يسمى "اتفاق الإطار" وفرض شروط على وكالة الغوث.

ونبَّه إلى محاولات تجفيف منابع تمويل "أونروا"، ولم تعد دول مانحة تقدم مساعداتها سعيًا لإيصالها إلى حالة إفلاس، لتظهر أن دورها انتهى بطريقة أقرب إلى الطبيعية منها إلى القرار السياسي استجابة لضغوط إسرائيلية وأمريكية، مشددًا على أن ذلك يمثل أحد أبرز التهديدات الكبيرة التي تواجه اللاجئين.

كما نبَّه إلى محاولات دمج قضية اللاجئين الفلسطينيين بمفوضية اللاجئين حول العالم، والهدف من وراء ذلك شطب اسم اللاجئ الفلسطيني، ليصبح مثله مثل مَن يهاجر عبر البحار والدول، إضافة إلى إنشاء صندوق خاص بالتوطين، وكل دولة تساهم في توطين اللاجئين يقدم لها التعويض المالي المناسب.

تعريف اللاجئ!

كما نبه إلى محاولات إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، بأنه من خرج بنفسه من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي هُجر منها قسرًا، وأن أبناءهم لا يحملون صفة اللجوء.

كما أكد المدهون أن المخيمات الفلسطينية تُستَهدَف استهدافًا مباشرًا، وهي تعاني ضائقةً مالية عسيرة، في إطار استهداف أماكن وجود اللاجئين، مشددًا على أن مخيمات اللجوء في الوطن والشتات "جزء من تاريخ النضال الفلسطيني، وتعد من بؤر العمل المقاوم، وشاهد على قضية اللاجئين على وجه الخصوص جوهر القضية الفلسطينية".

وبيَّن رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حماس، أن قضية اللاجئين تتعرض لمهددات تزيد مستوياتها عن أي مستويات سابقة، والمطلوب فلسطينيًا مقابل ذلك؛ الاحتشاد حول هذه القضية الجامعة المفصلية، والحفاظ على جوهرها وصولاً إلى تحقيق العودة.

وحول تداعيات تجفيف منابع تمويل أونروا وتداعيات الاستهداف الأمريكي، أكد أن اتفاق الإطار الموقع في 14 يوليو/ تموز الماضي، بين إدارتي بايدن و"أونروا"، يهدف في مضمونه إلى إخضاع الوكالة الأممية للابتزاز المالي والأمني والمعلوماتي، ويجسد شكلًا من أشكال ملاحقة اللاجئين و"أونروا" معًا، التي يفترض ألا تستجيب لمثل هذه الاتفاقيات.

وأكد المدهون ضرورة أن يكون هناك وقفة لكثير من الدول بتمديد تمويل لوكالة الغوث، وحلها بشكل جذري باعتماد الأمم المتحدة موازنة مستقلة ودائمة لها، حتى تستطيع تحقيق أهدافها التي فوضت لأجلها قبل عشرات السنين، وتتمثل بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

أصل الحيادية!

وشدَّد على أن اتفاق الإطار يشكل أحد أهم التهديدات أمام "أونروا" واللاجئين الفلسطينيين، وهو يستهدف كل الفئات التي ترتبط بالوكالة، ويطال اللاجئين والعاملين والموردين والمؤسسات التابعة لها، مشيرًا إلى أن "كل من يثبت أنه يمارس ما يسمونه (عدم الحيادية) يصبح هدفًا مشروعًا للدول الممولة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية.

ونبَّه إلى أن عدم الحيادية "تعني أن يتخلى اللاجئ عن أصله ووطنه وأرضه وجده وأبيه، والأصل في هذا السياق حيادية الأونروا وليس حيادية اللاجئ الفلسطيني الذي هجر قسرًا من أراضيه في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي الذي سيطر على أراضيه وأملاكه أمام أعينه".

"وللأسف يمتد الاستهداف والملاحقة لمطالبة مجتمع اللاجئين أن يسلم معلومات عن كل من يتحدث في القضايا الوطنية والواقع الفلسطيني وينتمي لأحد الفصائل، ومن ثم عمل أمني على مدار الساعة، في استهداف اللاجئين والعاملين في أونروا، لصالح الاحتلال ولصالح مشروع الابتزاز الأمريكي في البعد المالي.

وأشار كذلك إلى أن الاتحاد الأوروبي يريد فرض شروط مقابل تمويله للوكالة، أبرزها مرتبط بتعديل المناهج الفلسطينية، بما يضمن عدم الحديث عن البلدات الأصلية للاجئين، أو القدس بصفتها عاصمة لدولة فلسطين، بهدف تجريد الواقع من مكوناته الوطنية، وهذا أيضًا تحدٍ كبير يواجه قضية اللاجئين.

امتداد لـ "صفقة القرن"

واستدرك المدهون: أن اتفاق الإطار الذي ينتهي بنهاية ديسمبر/ كانون الأول لعام 2022، ينبغي سقوطه، وألا يكرر أو يمدد له، مع ضرورة عدم التزام بنوده من قبل وكالة الغوث.

وعدَّ أن اتفاق الإطار امتداد لـ "صفقة القرن"، حتى وإن كان بطريقة مغاير لأسلوب ترامب.

وبشأن دور الدبلوماسية الفلسطينية حول العالم فيما يتعلق بقضية اللاجئين، قال إنه خلال فترة توقيع "اتفاق الإطار" اجتهدت منظمة التحرير بالعمل مع جامعة الدول العربية وجهات أخرى، لكن السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وعلى صعيد قنصلياتها وسفاراتها كان دورها باهت، ويكاد يصل إلى مستوى الصفر، رغم ما يتوفر لها من إمكانات.

وأكمل: "لم تقم هذه المؤسسات بالدور المأمول، ويفترض تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية على النطاقين الرسمي والشعبي"، مشيرًا إلى أن فلسطينيي الشتات هم امتداد طبيعي لشعبنا، ويمثلون 50 بالمئة، وهؤلاء منذ أن وقعت أوسلو، دون راعٍ وعنوان وعلم ويافطة وأب لهم، يفتقدون جميعهم المرجع والتوجيه.

وأكد أن اتفاق (أوسلو) الذي بموجبه وافقت منظمة التحرير على 22 بالمئة من أرض فلسطين، يشكل تنكرًا لفلسطينيي الشتات وحق عودتهم، وجعل قضية اللجوء في مهب الريح، ولم نعد نسمع سوى مطالبات باهتة بحل عادل لقضية اللاجئين، وهو لا يحمل في شكله ومضمونه أن هناك عودة للاجئين الفلسطينيين.

وشدَّد على ضرورة إعادة المنظمة والسلطة الاعتبار لقضية اللاجئين، وإعادة احتضان الشتات الفلسطيني والمخيمات، وكل أماكن وجود اللاجئين، وتوجيه البوصلة صوب القدس وفلسطين وحق العودة، وهذا جوهر العمل النضالي الذي على السلطة والمنظمة ممارسته دبلوماسيًا على المستوى الرسمي، وكذلك الشعبي في صفوف الجاليات.

كما شدد على ضرورة وجود دور فعَّال للجاليات الفلسطينية، وتعبئتها وحل مشكلاتها.

قرارات بمهب الريح

وفيما يتعلق بالقرارات الدولية حول قضية اللاجئين ومدى الاستفادة منها لصالحها، قال: إن "الأمم المتحدة لا تدافع عن قراراتها رغم أنها أنشأت وكالة أونروا في عام 1949، وأبقتها في مهب الريح في تعاملها مع الدول المانحة التي تقدم مساعدات، ويفترض أن تقدم الحماية الكاملة لها وتمنحها تفويضًا دائمًا وليس مؤقتًا يجدد كل 3 سنوات، وتمويل وموازنة مستقلة ومستقرة، وعدم ترك (أونروا) تتسول من الدول وتخضع لإملاءاتها السياسية واشتراطاتها وابتزازاتها المالية".

وشدَّد على ضرورة ممارسة الفلسطينيين العمل من أجل تحقيق العودة مستفيدين من قرار (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أكد حق العودة، وأن المجتمع الدولي مجبر على حماية هذه الممارسة.

لكنه تساءل: أين الأمم المتحدة من أن تأتي لتحمي قراراتها وتطبقها وتفتح أبواب العودة أمام اللاجئين؟ معربًا عن أسفه من أن "حالة التغير السياسي المرتهنة إلى موازين القوى والتحالفات أبقتها ووكالة الغوث رهينة السلوك الأحادي والعنصري الذي تمارسه أمريكا.

وطالب الأمم المتحدة بتوفير الغطاء الذي يحمي قرارها بتفويض "أونروا"، وكذلك قراراتها المرتبطة بعودة اللاجئين لديارهم، وترجمة حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني المهجر بتأكيد صوابية القرارات الدولية التي تتبنى قضية اللاجئين، والتزام تطبيقها، وعدم انتظار موافقة من الاحتلال الذي لن يمنح اللاجئين حق العودة بأي شكل من الأشكال، وإنما على الأمم المتحدة فرض ذلك من خلال قواتها الدولية.