قرار حكومة جونسون البريطانية إدراج كبرى حركات المقاومة الفلسطينية ضمن قائمة الإرهاب -حركة حماس التي فازت بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في آخر انتخابات برلمانية شهدها الشعب الفلسطيني، وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة وأضحت اللاعب السياسي الأبرز في الساحة الفلسطينية- يشكل انحيازًا سياسيًّا واضحًا للاحتلال، وتجاهلًا لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل الحرية والاستقلال، وإصرارًا على خطيئة بريطانية سياسية تمتد منذ عام 1917م حين أعلنت بريطانيا وعْدها لليهود بإقامة دولة لهم فوق أرض فلسطين التي احتلتها لاحقا وشيّدت دولة لهم على حساب الحقوق الفلسطينية.
ونحن نتابع القرار لا نستطيع تجاهل توقيته السياسي داخل بريطانيا، فهو يأتي في ظل فضائح فساد كبيرة تلاحق حزب المحافظين الذي يرأسه جونسون، والذي تدور حوله شبهات ببيع مقاعد مجلس اللوردات مقابل منح ومساعدات تلقاها الحزب بملايين الدولارات، إضافة إلى تُهَمة تضارب المصالح التي تلاحق بعض أعضاء الحزب والتي حاول جونسون الدفاع عنها لتهوِي شعبيّته في أدنى مستوى بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة داخل بريطانيا.
تهم الفساد التي تلاحق حزب المحافظين الذي يسيطر على غالبية مقاعد مجلس العموم البريطاني والذي يُتوقع اعتماده قرار حكومة جونسون خلال الأيام المقبلة تثير تساؤلات كبيرة حول الثمن الذي تلقّاه الحزب من اللوبي الصهيوني داخل بريطانيا مقابل تمرير القرار الذي يشكل خدمة سياسية لكيان الاحتلال، خاصة أنه يأتي في ظل تصاعد التأييد الشعبي المناهض للاحتلال الذي عبّرت عنه مشاهد طرد سفيرة الاحتلال من إحدى الكليات الجامعية في قلب العاصمة البريطانية لندن قبل أيام، والمظاهرات الحاشدة الداعمة للقضية الفلسطينية التي شارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين في شوارع لندن نهاية مايو الماضي.
وعلى الرغم من أن القرار البريطاني يتساوق مع رغبة بعض النظم العربية التي هرولت نحو كيان الاحتلال، وتحالفت معه حفاظًا على عروشها التي تفتقد لتأييد الشارع العربي، لكنه بكل تأكيد سيرتد سلبيًا على قدرة بريطانيا لعب أي دور سياسي فاعل في منطقة تمثل القضية الفلسطينية قلبها النابض، وتحظى المقاومة الفلسطينية بدعم واسع من شعوبها ونخبها الفكرية والسياسية.
من الواضح أن القرار البريطاني يستهدف المؤسسات الحقوقية والإنسانية الداعمة للقضية الفلسطينية داخل بريطانيا، إلا أن مواجهة القرار يقع على كاهل كل المؤسسات الحقوقية والأهلية الفلسطينية، ومعها المؤسسات الإقليمية والدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية.
ختامًا ينبغي على حركات المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة حماس بذل المزيد من الجهود للتواصل مع المؤسسات والمجتمعات الغربية، التي يمكن من خلالها تشكيل لوبي داعم للقضية الفلسطينية في مواجهة اللوبي الصهيوني الداعم لكيان الاحتلال.