فلسطين أون لاين

وعد بريطانيا من بلفور إلى باتيل

قرار صادم للشعب الفلسطيني أعلنته وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل بتصنيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حركة إرهابية بعد أن كانت بريطانيا تصنف الجناح العسكري فقط بالإرهاب منذ عام 2001م.

لماذا يعد هذا القرار صادماً للفلسطينيين ولأحرار العالم؟ ما دوافع إصدار هذا القرار في هذا التوقيت؟ وما تداعياته على القضية الفلسطينية بصفة عامة وعلى حركة حماس على الوجه الخصوص؟ وما المسارات الممكنة لمواجهة هذا القرار؟

يعد القرار صادماً للفلسطينيين لأنه يُنعش ذاكرتهم لتاريخ بريطانيا مع فلسطين أرضاً وشعباً منذ الانتداب وحتى تاريخه.

ثمة رابط بين آرثر جيمس بلفور رئيس وزراء بريطانيا (1902-1905) ووزير خارجيتها (1916-1919)، وهو صاحب الوعد المشؤوم "وعد بلفور" وبين وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل صاحبة قرار تصنيف حماس حركة إرهابية، الذي ينتظر تصديق البرلمان البريطاني الأسبوع القادم.

الرابط بين بلفور وباتيل أن كليهما من حزب المحافظين، ومن المؤيدين للحركة الصهيونية والمنحازين لها.

ولسان حال بريطانيا الدولة أننا على عهدنا (لإسرائيل) ماضون، وهو ما أكدته تغريدة الوزيرة البريطانية بأن قرارها انتصار للجالية اليهودية في بريطانيا التي باتت لا تشعر بالأمن في بلادها.

السؤال هنا: ما أسباب قلق الجالية اليهودية في بريطانيا؟

لم يسجل التاريخ الحديث أن أيًّا من فصائل المقاومة الفلسطينية استهدف اليهود في أي بقعة في العالم لأنهم يهود، وهنا يكمن الفرق بين معاداة السامية الذي تختبئ خلفه بعض الأنظمة السياسية الغربية، ومعاداة المشروع الصهيوني الكولونيالي على أرض فلسطين، وفي تقديري أن الجالية اليهودية ليست على موقف واحد من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فقد شارك بعض من أفرادها في مسيرة لندن الشهيرة ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/2021م.

يبقى أبناء الجالية اليهودية المؤيدين (لإسرائيل) وإرهابها ضد الشعب الفلسطيني، وقلق هؤلاء هو بمنزلة دافع إصدار الوزيرة قرارها، ومن أهم هذه الدوافع ما يلي:

1. تزايد واضح لدى المجتمع البريطاني في تبني الرواية التاريخية الفلسطينية، وهو ما يجعل المناصرين للمشروع الصهيوني في عزلة تزداد تدريجياً مع دور متزايد لمؤسسات مجتمع مدني مناصرة لفلسطين.

2. عجلة التطبيع المتسارعة تدفع أطرافًا في الحكومة البريطانية من الموالين (لإسرائيل) بأن يكونوا ملكيين أكثر من الملك.

3. ضغط من أطراف دولية وإسرائيلية على الحكومة البريطانية لقطع الطريق أمام حراك مجتمعي متنوع ينطلق داخل بريطانيا لمناصرة فلسطين مثل: حملة المقاطعة (BDS) – مسيرة لندن الشهيرة خلال معركة سيف القدس – التقاضي في المحاكم البريطانية حول وعد بلفور – الحملات الإعلامية لقنوات تنطلق من لندن مناصرة لفلسطين ومناهضة للاحتلال.

إن من أهم تداعيات هذا القرار على القضية الفلسطينية يتمثل في أرهبة النضال الوطني الفلسطيني، فقد لا ينعكس على حركة حماس مباشرة ولكنه سينعكس على كل مناصري القضية الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني في داخل بريطانيا، وقد يستهدف أيضاً حرية الكلمة في بريطانيا المؤيدة للمقاومة، وهو ما سينعكس سلبياً على أداء العديد من القنوات الفضائية في لندن عندما تقرر استضافة أي شخص من حركة حماس أو مؤيد لمشروعها المقاوم.

ثلاث مسارات ممكن أن يسلكها المجموع الفلسطيني والعربي والإسلامي تتمثل في:

1. مسار الضغط الدبلوماسي من قبل دول عربية وإسلامية ترفض التوجه البريطاني.

2. مسار المقاطعة الشعبية للبضائع البريطانية، والاعتصامات المفتوحة أمام السفارات والقنصليات البريطانية في العالم من قبل أحرار العالم.

3. مسار تحرك الجاليات عبر تشكيل لوبي منظم يتحرك داخل بريطانيا عبر التوجه للمحاكم وقيادة اعتصامات سلمية رافضة للقرار، وكلما كانت المشاركة حاشدة سيكون التأثير في أعضاء البرلمان أكبر.