لا تزل السلطة برام الله ممثلة برئيسها محمود عباس تدور في فلك "أوسلو" وتصر على مواصلة الرهان على التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، خروجًا عن حالة الإجماع الوطني المطالِب بالتحلل من اتفاقيات التسوية ورفض حالة الخنوع.
وعدّ محللان سياسيان في حديث لصحيفة "فلسطين"، لقاء عباس رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار، الأسبوع الماضي، بمقر المقاطعة في رام الله تأكيدًا على استمرار تمسك السلطة بمسار التفاوض الذي أعطى الاحتلال الشرعية لمزيد من التغول على الشعب الفلسطيني وحقوقه وأرضه وثوابته.
ويعد الاجتماع الذي كشف عنه الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أول من أمس، الأول، منذ تولي بار منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ ناقشا فيه عددًا من القضايا، كالوضع الاقتصادي الصعب للسلطة ومواصلة التنسيق والتعاون الأمني.
ووصف الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد عوض لقاء عباس رئيس "الشاباك" بـ"التعارفي" ويهدف لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وغض الطرف عن تغول الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، معتبرا إياه تأكيدا من السلطة على مواصلة التنسيق الأمني.
ولفت عوض إلى أن اللقاء جاء بعدما وصلت السلطة إلى طريق مسدود مع حكومة الاحتلال، منبها إلى أن الأولى غير قادرة على وقف التنسيق الأمني الذي يعد أساس وجودها، فدونه تصبح بلا معنى، وتتحول الأراضي الفلسطينية إلى حالة اشتباك مستمر تنهي حقبة "أوسلو" التي كرست وجود المحتل وتغوله على أرضنا.
وأضاف أن السلطة باتت غير قادرة على وقف التنسيق الأمني لأنها كبّلت يديها بالاتفاقيات مع الاحتلال، وقد أصبح من وجهة نظرهما الضامن لحفظ الأمن، مشيرًا إلى أن وقفه بحاجة إلى وحدة الشعب والفصائل والداعمين للشعب الفلسطيني في العالم لنبذ المحتل وتجريمه.
وأكد أن الشعب الفلسطيني قادر على تغيير الواقع من خلال تغيير وجهة النظر والانتفاض في وجه المحتل والاشتباك معه، مضيفًا أنه "في حال تم ذلك فسنشهد نهاية (إسرائيل)".
وقال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: إن السلطة لم تتوقف لحظة عن عقد لقاءات مع قادة الاحتلال وأحزابه خدمة لمصالحها، مقللا من أهمية تلك اللقاءات التي كان آخرها لقاء عباس رئيس "الشاباك" في رام الله، والتي ستزيد من تغول الاحتلال على حقوق وثوابت شعبنا.
ورأى عوكل أن اللقاء محاولة من السلطة لتقديم خطاب للمجتمع الدولي بأن الاحتلال هو المعطِّل للمفاوضات، مؤكدًا أن تلك اللقاءات تثبت فشلها منذ سنوات طويلة.
وبيّن أن اللقاء استعرض الوضع الاقتصادي الصعب للسلطة، ومواصلة التنسيق والتعاون الأمني، معتبرًا ذلك خروجا عن حالة الإجماع الوطني، وإصرارًا من السلطة على مواصلة نهجها وتفردها بالقرار الفلسطيني خدمة للاحتلال.
وأشار إلى أن هذه اللقاءات تشجع بعض الأطراف في المنطقة على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال، وتضعف الموقف الفلسطيني الرافض للتطبيع، مضيفا أنه كان الأولى على السلطة وقف اللقاءات التي لم تُجدِ نفعًا، وأن تعود إلى حضن الشعب ومقاومته، وتلتزم بتنفيذ مخرجات لقاءات المجلسين الوطني والمركزي واجتماع الأمناء العامين للفصائل في بيروت، بوقف كل أشكال العلاقة مع الاحتلال بما فيها التنسيق الأمني، وأن تضع خطة إستراتيجية للتحرير والخلاص من المحتل وسياساته العنصرية.