على جلسة واحدة استمرت قرابة ساعتين وربع، أنهى عمرو بن العاص جودة تسميع كتاب "المنتخب في رياض الصالحين" المكون من 500 حديث نبوي، وما إن أنهى آخر حديث حتى دبت التكبيرات في مسجد النور غرب مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
سجد عمرو بن العاص (9 أعوام) سجدة شكر لله على أن من عليه بإتمام حفظ الكتاب بعد إتمامه حفظ القرآن الكريم كاملًا قبل ثلاثة أعوام، عانقه شيوخه في المسجد وإخوته، وكلهم فخر بإنجازه الذي فاق سنه.
عمرو بن العاص طلق اللسان، مفوه، يتقن الحديث باللغة العربية الفصحى، واثق من نفسه وقدراته، يلاحق الزمن لكي يتعلم أكبر قدر من العلوم الشرعية، لا يتوانى عن تحقيق السبق في أي أمر يعليه في الحياة الآخرة، حتى شيوخه حينما يكون هناك مسابقة في حفظ القرآن أو السنة يحرصون أن يكون في مضمار هذا السباق وكلهم ثقة بأنه سيحقق الفوز في نهاية المطاف.
كان ابن (4 أعوام) حينما لاحظت والدته أن عمرو يتميز عن أقرانه بسرعة الحفظ، حينها عملت على تحفيظه سورة الرحمن وخاض بها مسابقة في الروضة، استثمرت هذه الملكة واستمرت بتحفيظه أجزاء من القرآن رويدًا رويدًا.
في عمر الخامسة اهتم والداه أكثر بتحفيظه القرآن كاملا، وخلال عام حينما أكمل الست سنوات أتم حفظ القرآن كاملًا.
يقول عمرو لـ"فلسطين": "أمي وأبي بدآ بتحفيظي القرآن في البداية سطرين، ومن ثم طلبت منهما أن أقرأ وأحفظ القرآن وحدي، فكنت أُهجّي الكلمات، وأقرأ الصفحة لمرة واحدة ومن ثم أسمعها، وصل بي الأمر لحفظ 20 صفحة في اليوم".
ورغم جدوله المزدحم ما بين مراجعة القرآن، وحفظ الأحاديث النبوية، ومراجعة دروسه اليومية، يرفه عن نفسه باللعب مع إخوته.
يضيف: "بعد حفظي القرآن أراجع يوميًا 20 صفحة مع محفّظي في المسجد، كل يوم أقوم بالمراجعة عدا يوم الجمعة".
أما عن حفظه كتاب "المنتخب في رياض الصالحين" فكان بدعوة من شيخي، الذي لمس فيّ سرعة بديهتي في الحفظ، والقدرة على إتمام حفظ 500 حديث في مدة قصيرة.
ويشير إلى أنه كان يحفظ 10 -20 حديثًا يوميًا ويراجعهم مع والديه، ومن ثم مع محفظه في المسجد، وهكذا حتى انتهى من حفظ جميع الأحاديث النبوية في شهرين.
والفرحة الأكبر بالنسبة لعمرو بن العاص حينما سمّع 500 حديث نبوي على جلسة واحدة دون أي خطأ، والأجمل حينما رأى الفرحة على وجوه من حضروا جلسة التسميع في المسجد.
وفي المرحلة القادمة يعكف عمرو على حفظ ألفية ابن مالك، وتسميع القرآن كاملا على جلسة واحدة وهذا طموحه الأسمى.
إرادة وشغف
والدته آلاء اهتمت بتحفيظ إخوته القرآن الكريم من قبله، ولكن وجدت فيه ملكة الحفظ لديه أعلى منهم جميعا، لذا اهتمت بالتركيز على إتمامه الحفظ في مدة قصيرة.
تقول آلاء لـ"فلسطين": "طالما تمنيت أن يحفظ أبنائي القرآن، لذا كنت أضغط عليهم في البداية، أوجههم نحو المسجد لحفظه، ولكن بعد مدة أجدهم يعتمدون على أنفسهم ويتسابقون في إتمام حفظه".
تضيف: "عمرو بن العاص كان أشدهم ذكاء، وأجملهم صوتا، وكان لديه إرادة وشغف كبيران لحفظ القرآن، وحتى كتاب منتخب رياض الصالحين، فما كان علي مع والده إلا التسميع له ومتابعته".
وتتابع آلاء: "لا أخفيك أنني في وقت الامتحانات كنت أجعله يؤجل مراجعة القرآن، حتى ينهي دراسته للاختبارات في مدرسته، ولكن والده كان يرفض ذلك حيث كان يسمع له ورده اليومي، ليحفزه بعدها إلى المذاكرة".
عمرو هو الأول على صفه، فلم يؤثر حفظ القرآن في دروسه ولم يتراجع يوما، بل تؤكد والدته أن حفظ القرآن زاد من ذكائه ووسع من مداركه.
ويختم حديثه: "نفسي أن ألبس والديّ تاج الوقار في الجنة".