لا يكاد يمر يوم على المواطن مجاهد الزبن (33 عاما) إلا وتتعرض فيه أرضه الواقعة في قرية بورين جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، لاعتداءات همجية من مستوطنين برفقة جنود الاحتلال الإسرائيلي.
منذ عدة سنوات يحاول جيش الاحتلال وضع يده الغليظة على أرض "الزبن" التي ورثها عن والده قبل وفاته، لكونها تبعد عن مستوطنة "يتسهار" قرابة كيلو متر مربع، إذ يقتحمها باستمرار ويعيث فيها فسادا، تحت حجج ومبررات واهية.
وتُعد هذه الأرض التي تبلغ مساحتها 3 دونمات ونصف وتحتضن نحو 70 شجرة زيتون، مصدر رزق "الزبن" الوحيد، الذي يعيل عائلة مكونة من 6 أفراد، حسب ما يقول لصحيفة "فلسطين"، فقد أقدم هذا العام وقبيل موسم "الزيتون" على قطع الأشجار تدريجيًّا.
ويوضح أن جرافات الاحتلال بدأت بقطع 13 شجرة زيتون في يونيو/ حزيران الماضي، حتى وصل إلى قطع 70 شجرة في نهاية الشهر ذاته، فضلا عن محاولات حرقها باستمرار لتوسيع المستوطنة.
ويحكي بحسرة: "الاحتلال أضاع موسم الزيت والزيتون علينا هذا العام، بعدما انتظرناه بلهفة، لكونه الملاذ لي وعائلتي"، مشيرا إلى أن الأرض تُنتج أكثر من 20 "تنكة زيت" كل عام، ويبيعها لسد رمق العائلة.
ويستعرض بعضا من الانتهاكات التي يتعرض لها دائما، بقوله: "بمُجرد وصولي إلى الأرض يهاجمني المستوطنون، ويعيثون في الأرض فساداً"، واصفاً أرضه بـ"المزهرية" لكونها تضم أشجارا مُزهرة.
ويؤكد أن الاحتلال يسعى للاستيلاء على الأرض ضمن سياسات التوسع الاستيطاني الممنهجة التي يتبعها في مختلف أراضي الضفة الغربية، لافتا إلى أنه خرّب أرضه عدة مرات خلال السنوات السابقة.
يتابع والحُزن يرافق صوته: "الأرض بحاجة إلى نحو 10 سنوات فلاحة حتى تعود لما كانت عليه (...) من السنة الماضية وأنا أنتظر هذا الموسم، حتى أعيل أسرتي".
وانتقد ضعف المساندة من السلطة، وعدم تعويض الخسائر التي لحقت به، من جراء اقتلاع الأشجار وتدمير مصدر رزقه الأول، مطالبا بضرورة النظر إلى أوضاعه الراهنة وما وصل به الحال نتيجة انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه.
هكذا يبدو الحال لدى المزارع محمد عقل (67 عاما)، الذي يمتلك أرضا زراعية تزيد مساحتها على 130 دونما في "فراسين" الواقعة جنوب غرب محافظة جنين، إذ يعاني بسبب انتهاكات الاحتلال المستمرة.
ويوضح عقل، الذي يمتلك الأرض منذ 70 عاما بعدما ورثها عن والده، أن الاحتلال ينغص عليهم حياتهم الزراعية يوميا، حيث يمنعه والمزارعين من الوصول إلى أراضيهم ومد تمديدات خاصة بشبكة الكهرباء أو المياه، فضلا عن التجريف المستمر لها.
ويشير إلى أن أرضه تبعد قرابة 400 متر عن مستوطنة "حرميش"، وتضم نحو 1400 شجرة زيتون وأصنافًا أخرى كالعنب واللوز، مستدركا: "لكن الاحتلال يمنعنا الوصول إليها في كثير من الأحيان، ويمنع إدخال المعدات اللازمة لفلاحتها".
ويبين أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الممارسات إلى الاستيلاء على الأرض لصالح المستوطنة، مؤكدا رفضه التخلي عن أرضه؛ "سأواصل فلاحتها مهما كلفني الثمن، فهي ورثة أبي ومصدر رزق عائلتي الوحيد".
قصة معاناة أخرى، هذه المرّة في حي الطور بمدينة القدس يرويها الشاب إياد الغوج (26 عاما) الذي يقطن في عمارة سكنية مكونة من 5 طوابق تضم أفراد عائلته، أخطرها الاحتلال بالهدم قبل أسبوعين.
ويشير الغوج في حديثه لـ"فلسطين" إلى أن الاحتلال أعطاهم مهلة حتى التاسع من الشهر الجاري، الأمر الذي جعل القلق والخوف يداهمان العائلة، فقد تأتي جرافاته لهدمها في أي لحظة.
والعمارة السكنية بُنيت منذ 11 عاما، وتتكون من 10 شقق، وتؤوي أكثر من 70 شخصا، وقد أبلغهم الاحتلال بهدمها ذاتيا، لصالح مشروع استيطاني في ذات المنطقة.
يقول: "رفضنا إخطار الاحتلال والهدم بأيدينا، ولن نتنازل عن حقنا في بيتنا"، لافتا إلى أنه يعتبر تلك المنطقة خطِرة ولا تصلح للسكن ويدّعي أنها أراضٍ زراعية، "وهذه مبررات واهية تهدف إلى تهجير المواطنين قسرا وإحلال المستوطنين بدلا منهم".
ويدعو الغوج بحُرقة المسؤولين وصناع القرار إلى ضرورة التدخل وإلغاء سياسة الهدم التي ينتهجها الاحتلال في الضفة الغربية وخاصة في القدس.
وأردف: "مهما مارس الاحتلال واتخذ إجراءات عنصرية ضدنا لن نتهجر ونترك منزلنا وأرضنا، وسنبقى شوكة في حلقه، وهو الذي سيكون مصيره التشرد والزوال عن أرضنا".