كنا نقول: لا أمل للفلسطيني في الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب انحيازها الأعمى لدولة الاحتلال الصهيوني. اليوم نقول هذا القول في عهد الديمقراطي جون بايدن، ونضيف إليه أنه لا أمل بمجلس الأمن الدولي أيضا، ولا أمل في بريطانيا. هذه المكونات ترى (إسرائيل) ولا ترى غيرها، وفي أحسن الأحوال هي ترى نصف الحقيقة ولا ترى نصفها الآخر، ككائن ينظر بعين واحدة مريضة.
تقدمت السلطة الفلسطينية لمجلس الأمن بعرض مفصل يطلب إدانة الاستيطان، المجلس فشل في إصدار قرار بالإدانة في اجتماع يوم الثلاثاء الماضي، على الرغم من أن دول مجلس الأمن تدين الاستيطان بشكل منفرد، وترى فيه عقبة أمام السلام والاستقرار. إذا كانت الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي (أميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين) تدين حكوماتها الاستيطان، فلماذا إذن يفشل مجلس الأمن في إدانة الاستيطان في بيان صادر عنه؟!
هل لهذه الدول عدة مكاييل؟! وزراء الخارجية في الدول الخمس المذكورة يدينون الاستيطان، وفي مجلس الأمن الدول المذكورة تفشل في إصدار قرار إدانة، ما دفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى استنكار هذه السياسة التي وصفتها بالكيل بمكيالين.
لست أدري لماذا يحدث هذا التناقض، ولكن أقول إن فشل مجلس الأمن هذا يعطي دولة الاحتلال إذنًا غير مباشر للاستمرار في الاستيطان، ويمنح الفلسطيني خيبة أمل في المؤسسات الدولية، ويحرض الفلسطيني على الاعتماد على نفسه، والذهاب نحو المقاومة، وإهمال مجلس الأمن لأنه مجلس فاشل، ولأنه لا يعمل بإنصاف في القضايا التي يرفعها الفلسطيني له ضد الاحتلال.
أما دولة بريطانيا التي أسست لقيام دولة (إسرائيل) ونكبة الفلسطينيين من خلال وعد بلفور، ودعمها لدولة (إسرائيل) في حرب ١٩٤٨م، واستمرار دعمها حتى تاريخه، فهي تتمادى في تنكرها للحقوق الفلسطينية، وكذلك للحقوق الشخصية للمواطن البريطاني إذا أبدى تأييده الشخصي للحقوق الفلسطينية، إذا تُجرى الآن محاكمة في بريطانيا لرجل بريطاني لأنه يلبس قميصا عليه شعار حماس، وآخر عليه شعار الجهاد الإسلامي، وتعد هذا مخالفة للقوانين البريطانية الخاصة بالإرهاب.
إذا كان هذا القميص ممنوعا فلماذا لا تمنع بريطانيا تمويل الاستيطان من أراضيها؟ ولماذا لا تمنع استيراد منتجات المستوطنات إليها؟ جريمة الاستيطان والتمييز ضد الفلسطيني أخطر بكثير من لبس شخص مفرد قميصًا عليه شعار لحماس. إذا لم تكن العدالة في مجلس الأمن، ولا في قوانين بريطانيا، فإن العدالة تكون في البندقية، أفلا تعقلون؟ بل أنتم قوم لا تفقهون.