بعد ساعات فقط من اغتيال الاحتلال قائد أركان المقاومة في فلسطين الشهيد القائد أحمد الجعبري في الرابع عشر من نوفمبر عام 2012م، جاء رد القسام بما يرى العدو لا بما يسمع، وعلى غير ما يتوقع بقصف (تل أبيب) لأول مرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال.
جريمة الاغتيال كانت تستدعي ردًا يتناسب مع حجمها، وكان لابد للمقاومة أن تفرض قواعد اشتباك جديدة، فقصفت (تل أبيب) لأول مرة وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع.
شربة ماء
وجعلت كتائب القسام قرار قصف (تل أبيب) أسهل عليها من شربة الماء إذا استبيح أقصانا وانتهكت كرامتنا كما أكد أبو عبيدة الناطق باسم القسام، فجعلت (تل أبيب) في مرمى صواريخها منذ معركة حجارة السجيل وما تلاها من معارك ومواجهات.
وكشفت كتائب القسام خلال معركة حجارة السجيل التي استمرت ثمانية أيام عن صاروخ M75 الذي قصفت به (تل أبيب)، وأسمته تيمنًا بالشهيد القائد المفكر إبراهيم المقادمة، ويبلغ مداه 75 كيلو مترًا.
ذُهل قادة العدو من نوعية الضربة وسرعتها، واعترفت استخباراته بفشلها وعدم امتلاكها أي معلومات حول الصاروخ الذي صنعه مهندسو القسام محليًا، وقصفت به (تل أبيب) بشكل غير متوقع.
وفور سقوط صاروخ القسام الأول على (تل أبيب) قطعت القناة الإسرائيلية الثانية بثها، وأذاعت خبرًا مفاده "نأسف لقد قصف تل أبيب"، وتحولت المدينة إلى مسرح أشباح مع انفجار صواريخ المقاومة فيها، وانطلاق دوي صافرات الإنذار.
التاسعة مساءً
وفي معركة "العصف المأكول" في الثامن من يوليو عام 2014 تحدت كتائب القسام جيش الاحتلال باعتراض صواريخها التي ستقصف بها مدينة (تل أبيب)، وحددت ساعة الصفر للاستهداف في تمام الساعة التاسعة مساءً في إشارة تحدٍ واضحة.
أظهرت كتائب القسام عجز الاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكرية حين فشل في التصدي لصواريخها، وشاهد العالم لحظات قصف تل أبيب على شاشات التلفاز دون أي اعتراض لها.
وأعلنت أنها بقصفها لـ(تل أبيب) استخدمت لأول مرة صواريخ من طراز j80 "محلية الصنع" الذي أسمته تيمنًا بقائد أركان المقاومة الشهيد القائد أحمد الجعبري، وتوعدت الاحتلال بمزيد من المفاجآت.
(تل أبيب) كمحيط غزة
وفي معركة سيف القدس في مايو 2021، جعلت كتائب القسام مدينة (تل أبيب) تبدو وكأنها في غلاف غزة من غزارة ودوام استهدافها، فكان لها نصيب كبير من الضربات، ولم يستجب الاحتلال لتحذيرات القسام بأنه سيُدخل (تل أبيب) في بقعة الاستهداف في حال استمر في استهداف الأبراج السكنية ومنازل الآمنين.
وبعد أقل من ساعتين من استهداف أول برج في غزة وجهت كتائب القسام ضربة صاروخية لتل أبيب وضواحيها بـ 130 صاروخًا باستخدام صواريخ A120 والتي سميت تيمنًا بالشهيد القائد رائد العطار، وهي أكبر رشقة صاروخية تتعرض لها تل أبيب.
فشلت قيادة العدو في التعامل مع تحذيرات المقاومة، وطوال أيام المعركة فرضت معادلة القصف بالقصف، وربطت أي تلويح أو قصف لبرج مدني في غزة برشقات صاروخية على (تل أبيب) والمدن والمستوطنات الإسرائيلية.
وبعد ارتكاب العدو مجزرة بحق النساء والأطفال الآمنين في مخيم الشاطئ خلال معركة سيف القدس، قصفت المقاومة (تل أبيب) برشقة صاروخية كبيرة في إطار ردها على مجازر الاحتلال، وأعلنت أنها جهزت نفسها لقصف (تل أبيب) لمدة 6 أشهر متواصلة.
موضع سخرية
وجعلت كتائب القسام (تل أبيب) موضع سخرية، واستخدمتها في إطار الحرب النفسية وخلال معركة سيف القدس، طلبت الكتائب من سكان (تل أبيب) بأن يقفوا على رجلٍ واحدة وينتظروا ردها على تدمير برج الجلاء بغزة.
وبأمر من قائد هيئة الأركان أبو خالد الضيف أوعز برفع حظر التجول عن (تل أبيب) ومحيطها لمدة ساعتين، وبعد ذلك يعودون للوقوف على رجلٍ واحدة، وبعد انقضاء المهلة الضيف وجهت الكتائب ضربة صاروخية كبيرة بعشرات الصواريخ لـ(تل أبيب) وضواحيها.
فرضت كتائب القسام واقعًا جديدًا بتحطيمها لوهم المناعة الذي عاشته (تل أبيب)، وأرست معادلات ردع جديدة، وتواصل مراكمة قوتها على طريق تحرير أوطاننا وكنس الاحتلال من بلادنا.