معركة ومواجهة، بين المقاومة والاحتلال أرسلت لقواعد الاشتباك ومسار الصراع بين الطرفين، إذ تمكنت المقاومة في الأولى من قطع يد الاحتلال عن المس بغزة، ومحاولة التسلل لعقل المقاومة، وهو ما ساعد في تمتين المقاومة جبهتها استعدادًا لمعركة سيف القدس التي تمكنت فيها المقاومة من قطع يد الاحتلال عن المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.
بين حد السيف وسيف القدس مسيرة من الإعداد والتجهيز لما حدث يوم 11/5/2021، لكن جزءًا مهمًّا من الإعداد انطلق يوم الجمعة 11/11/2018، عندما تمكنت المقاومة من كشف الوحدة الخاصة التي تسللت شرق خانيونس، بهدف زراعة أجهزة تجسس على اتصالات المقاومة، وتمكن في حينها الشهيد القائد الميداني نور بركة ورفاقه من كشف الوحدة، وقتل في أثنائها قائد الوحدة وأُصيب آخرون، وتصدت المقاومة لتدخل الاحتلال لإنقاذ الوحدة، وارتقاء 7 شهداء من مقاتلي القسام.
عملية حد السيف أحدثت تحولًا في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيل بذاتها، وردت المقاومة على الاحتلال عبر قصف مدن الاحتلال بمئات الصواريخ في مَدَيات مختلفة، وأن الرد جاء في سبيل تدفيع الاحتلال ثمن غبائه وسوء تقديره بأن المقاومة مشغولة بمسيرات العودة، وأنه يمكن التسلل لعمق غزة، وأن المقاومة ستمرر ما حدث لاعتبارات كثيرة.
إدارة المواجهة في سيف القدس هي امتداد لنجاح المقاومة في حد السيف، بتمتين جبهتها الداخلية وقطع يد الاحتلال الأمنية، بل إسقاط ضباط مخابرات الاحتلال في شباك المقاومة عبر تمرير معلومات خاطئة لهم، وإرباك حساباتهم، وهو ما تم في سيف القدس عندما فشلت عملية أسماها الاحتلال تدمير مترو حماس، عبر استهداف عشرات الأنفاق في لحظة واحدة عبر الخديعة، ومحاولة إيقاع الآلاف من المقاتلين داخلها، لكن المقاومة عبر أذرعها العسكرية والأمنية استطاعت أن تُفشِل العملية، وتفقد الاحتلال صوابه، عبر المعلومات المضللة التي يمتلكها.
الصراع بين الاحتلال والمقاومة سيستمر وسيتواصل بأوجه وأشكال عدة، والمقاومة تعد له في كل مرة بشكل مختلف، لتفاجئ بما تمتلكه من قوة، وحكمة في إدارة المواجهة، على صعيد الإمكانات أو الإعداد البشري، كما هو الحال مع الشهيد نور بركة الذي قدم صورة مشرقة للمقاتل العنيد ذي الحس الأمني المرهف، والإنسان المهذب والقرآني الاجتماعي، الذي جاء من بيئة فلسطينية وطنية إسلامية، وهناك مثله العديدون داخل صفوف المقاومة الذين يُعدّون للقتال في أي مواجهة قادمة، على غرار حد السيف ومعركة سيف القدس التي أعادت للأقصى حضوره على الصعيد الوطني والعربي والإسلامي والدولي، وفرضت معادلة جديدة للصراع مع الاحتلال، عنوانها الثوابت الوطنية.