شكّلت عملية "حد السيف" التي استطاعت خلالها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إحباط قوة خاصة إسرائيلية تسللت لقطاع غزة، ضربة أمنية كبيرة لأمن واستخبارات "العدو الذي لا يُقهر"، إذ ما زالت تداعياتها تضرب المجتمع الإسرائيلي على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على تنفيذها.
في الحادي عشر من نوفمبر 2018 أحبط عناصر من القسام عملية تسلل قوة إسرائيلية تُدعى "سيرت متكال"، وهي من أفضل وحدات الكوماندوز في جيش الاحتلال، تتكون من 15 فرداً، إلى شرق خان يونس جنوب القطاع، كانت تهدف إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة.
وبعد اكتشاف مقاومي القسام هذه القوّة اشتبكوا معها، فأوقعوا قائدها قتيلًا وأصابوا آخرين، قبل أن يفر بقية أفرادها تاركين سلاحهم ومعداتهم في أرض المعركة يجرون ذيول الخيبة والفشل تحت غطاء ناري كثيف جدًا من طائرات الاحتلال، في حين استشهد القائد القسامي نور بركة، وستة مقاتلين آخرين.
حاول الاحتلال عبر قصفه للمركبة الخاصة بالوحدة إخفاء أي أدلة قد تساعد المقاومة في التعرف إلى أهداف عملية التسلل، أو الحصول على الأجهزة التقنية والمعدات الخاصة بالعملية، إلا أنه فشل مجددًا.
إرباك جبهة الاحتلال
وأطلقت كتائب القسام على العملية اسم "حد السيف"، وكشفت بعد أيام قليلة عن أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهامهم، والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ما دفع الرقيب العسكري إلى حظر نشر ما تداولته القسام، وهو ما أسهم في إرباك جبهة الاحتلال الداخلية التي تريد معرفة حقيقة ما حدث شرق خانيونس في تلك الليلة المشؤومة.
يقول المختص في الشأن الأمني محمد أبو هربيد، إن (إسرائيل) لم تكن تتوقع أن يتم الكشف عن هذه المجموعة، الأمر الذي أحدث لها صدمة كبيرة، في حين أظهرت المقاومة مدى حنكتها وقوتها الاستخباراتية.
وبيّن أبو هربيد خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الإجراءات التي اتخذتها المقاومة بسرعة الاستجابة للتعامل مع الحدث ومحاولة السيطرة على القوة، "خلق حالة إرباك للمجموعة ودولة الاحتلال بأكملها".
وأوضح أن الصدمة الأمنية والعسكرية التي تلقتها دولة الاحتلال من هذه العملية لا تزال آثارها مستمرة حتى اليوم، إذ إن ثقة الشارع الإسرائيلي بالمنظومة الأمنية ما زالت "متدنية".
ويعتقد أبو هربيد أن هناك أسرارا ما زالت تخفيها (إسرائيل) عن العملية، مشيراً إلى أن الآثار السياسية كانت واضحة، حيث استقال في حينها وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان من منصبه.
وذكر أن الإسرائيليين ما زالوا يتحدثون عن العملية أنها "إخفاق كبير"، منبهاً إلى أنهم "لم يعودوا يثقون بالمنظومة الأمنية".
ورأى أن قوة المقاومة أضاعت كنزا استخباراتيا لدى (إسرائيل) وكشفت مخزون معلومات استراتيجيا كان يفترض أن يبقى مخفياً، الأمر الذي أفقد العمل الاستخباراتي الإسرائيلي عنصر السرية والكتمان.
محطة إنجاز
ويرى المختص الأمني محمد لافي، أن عملية "حد السيف" محطة مهمة من محطات الإنجاز الاستخباري للمقاومة، وفشل الاستخبارات الإسرائيلية.
وبيّن لافي خلال حديثه مع "فلسطين"، أن ما كان قبل العملية ليس كما بعدها، "فالاحتلال لن يحاول مرة ثانية اختراق قطاع غزة، لأن مصيره الفشل"، وفق رأيه.
وأوضح أن ما حصلت عليه المقاومة من مخلفات الهاربين كالمعلومات والأدوات، تم توظيفها لصالح العمل الاستخباري المقاوم، الأمر الذي ساهم في الإنجاز والتطور النوعي في المتابعة والمراقبة وفي اختراقات للاحتلال من بيانات وجنود.
وأكد أن تداعيات العملية ما زالت مستمرة، إذ إن العمل الاستخباري تراكمي ولا يتوقف، والمقاومة تطوّرت أكثر في هذا المجال على حساب استخبارات الاحتلال.