أوصت الجمعية الوطنية للتأهيل بتشكيل لوبي ضاغط على الحكومات والسلطات من أجل القيام في دورها الأساسي في تبني ورعاية البرنامج التأهيلي لأشخاص ذوي الإعاقة على المدى البعيد، مطالبة الإعلام بتسليط الضوء على تلك الفئة واحتياجاتهم وقصص نجاحهم، والعمل على الضغط من أجل تطبيق القانون الخاص بهم للحصول على حقوقهم وتحقيق المساواة مع الآخرين.
جاء ذلك في ختام فعاليات مؤتمر عقدته الجمعية لمناسبة مرور 30 عامًا على إنشائها، تحت عنوان "برنامج التأهيل المجتمعي إنجازات وتحديات ورؤية مستقبلية"، بحضور الجمعيات ذات العلاقة، وأشخاص من ذوي الإعاقة.
وفي دراسة عن واقع التمويل لبرامج التأهيل عرضتها الخبيرة الاستشارية في مجال الدراسات، تحدثت ريما الحاج عن أن الهدف العام من الدراسة تقييم الإنجازات ونقاط القوة في برنامج التأهيل المجتمعي في الجمعية الوطنية للتأهيل، وتقديم المشورة بشأن استمرار عمله لمدة ثلاث سنوات في ضوء الاحتياجات الناشئة في قطاع غزة وفرص التمويل.
وأضافت: "هناك أهداف فرعية ترتبط بتوجهات البرامج التنموية المستقبلية وأهداف التنمية المستدامة 2030، وتحديد القضايا التي يجب العمل عليها في ظل تطور حركة الإعاقة ومتغيرات فرص التمويل بناء على ما تمّ إنجازه في المكوّنات الخمسة للمصفوفة حتى اللحظة، وتحديد دور البرنامج في حالات الطوارئ والتدخلات الإنسانية".
توجهات مستقبلية
إضافة إلى تحديد توجهات الخطة الإستراتيجية القادمة، والاحتياجات التدريبية وبناء القدرات وكيفية التعامل مع الوضع الراهن وتغير مسارات التمويل، أشارت إلى أهمية تحديد اتجاهات الممولين والشركاء المستقبلية فيما يتعلق بقضايا الإعاقة والتأهيل، وزيادة فرص الحصول على تمويل مستقبلي لبرنامج التأهيل المجتمعي.
واعتمدت الحاج في دراستها على المنهجية التشاركية في الوصول إلى المعلومات، لتصل إلى النتائج والمخرجات، وأوضحت أن الجمعية تمتلك شراكات مع الكثير من الائتلافات والتحالفات التي تسعى لحماية وتحسين جودة الخدمات التي تقدم للأشخاص ذوي الإعاقة.
وبينت الحاج أن من إنجازات برنامج التأهيل المجتمعي، تعزيز فلسفة الدمج الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع مجالات الحياة وبمشاركة المجتمع المحلي، وتبني وتطوير سياسة التعليم الجامعي مع وزارة التربية والتعليم وإنشاء أقسام خاصة له في المديريات، إضافة إلى العمل مع قيادات المجتمع المحلي وتشكيل لجان محلية مساندة للبرنامج ولحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز مشاركته ومساهمته في توفير فرص العمل والتشغيل والتمكين للأشخاص ذوي الإعاقة.
ومن إنجازات البرنامج في مرحلة التطوير، أشارت الحاج إلى سعي الجمعية للحصول على عضوية منظمات محلية ودولية والدخول في هياكل وتحالفات محلية خاصة بالإعاقة والتأهيل، وتعزيز التشبيك والتنسيق مع القطاع الحكومي في تبني قضايا الإعاقة من خلال تبني مفهوم الإدراج لقضايا الإعاقة في جميع الوزارات.
تحدي الاستدامة
ولفتت إلى التحديات التي تواجه البرنامج، كقلة المصادر والتمويل بشكل يؤدي إلى ضعف الاستدامة المالية والفنية والمؤسسية للبرنامج، والثقافة السائدة في المجتمع الفلسطيني حول الإعاقة، وعدم قدرة الحكومة على إنفاذ بنود قانون حقوق المعوقين (1999/4) وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية وزيادة الفقر، وضعف التنسيق بين المؤسسات العاملة في مجال الإعاقة.
وتابعت: "كما يواجه الأشخاص ذوي الإعاقة العديد من التحديات في الوصول إلى الخدمات سواء على المستوى الثقافي والمهني والمواءمات والخدمات والتعليم والصحة والسياسة، وفي أوقات الأزمات والطوارئ يواجهون نقص الحماية وغياب الاستجابة الفاعلة، ويعانون عزلةً اجتماعية، ومحدودية في الوصول للمعلومات، وتراجعًا في القدرة على الوصول إلى الخدمات، ووضعًا نفسيًا هشًا".
مفهوم متغير
ونصحت الحاج بإعادة هيكلة الجمعية على أساس أن تُشكَّل أربع وحدات أو برامج أساسية، وهي برنامج المناصرة والتوعية، وبرنامج الحماية، وبرنامج خدمات التأهيل والطوارئ، وتشكيل وحدة متخصصة في جلب التمويل، إضافة إلى وحدات المهام الإدارية والمالية.
ومن جهته تحدث الخبير الاستشاري في مجال التأهيل حسين منصور، أن المجتمع المحلي يتخذ خارطة طريق في الوصول إلى الخدمات الخاصة بذوي الإعاقة، "لذلك يجب تحديث المصفوفة ومضاف إليها الاتفاقية الدولية لذوي الإعاقة".
ويرى أن مفهوم الإعاقة قيد التطور والتغيير المستمر وفق الواقع وبناء على تفاعل الأشخاص المصابين بالإعاقة مع المجتمع والواقع.
ويشير منصور إلى أنه لا بد من خلال برنامج التأهيل الوصول إلى تكافئ وتكامل الأدوار في المؤسسات الحكومية والبرامج التي تتبناها، موضحًا أهداف التأهيل المبني على المجتمع باستثمار واستغلال جميع الموارد الكامنة في البيئة المحلية لمصلحة دمج ذوي الإعاقة، ومشاركة القطاعات المجتمعية المختلفة في تطوير وتغيير السياسة العامة لضمان انتشار المفهوم بما يخدم أكبر شريحة من ذوي الإعاقة.
وقال: "كما تهدف إلى تشجيع روح العمل التطوعي للوصول لمشاركة مجتمعية فاعلة، وتوفير فرص عمل لذوي الإعاقة والتأمين الصحي والاجتماعي والدعم الأسري، وتوفير الخدمات التأهيلية، والعمل على مشاركتهم وأسرهم في برامج التأهيل، وصقل مهاراتهم والعمل على توفير خدمات متخصصة كالتربية الخاصة والعلاج الطبيعي والوظيفي".
وبين منصور أن على الحكومة الاهتمام بقضايا الإعاقة، وضمان وجود أطر العمل التشريعية والسياسية المناسبة لدعم حقوقهم، ومشاركة أفراد المجتمع في التدريب لمعرفة المزيد حول الإعاقة وتغيير معتقداتهم ومواقفهم.