فلسطين أون لاين

عوائل أسرى قطعت رواتبهم: وكأن معاناة واحدة لا تسع قلوبنا!

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

"وكأن معاناة واحدة لا يتسع لها قلبنا، فيكفي ما نعانيه من حرمان وفقد طيلة سنوات ماضية، ليزيد الطين بلة بقطع الريق الجاري في عروقنا"، بهذه الجملة استهلت والدة الأسير عمر وادي حديثها مع صحيفة "فلسطين" لتتحدث عن معايشتها لمعاناة قطع راتب ابنها منذ أربع سنوات.

الأسير عمر إسماعيل وادي (29 عامًا) من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، اعتقل من قبل الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 26/11/2013 بتهمة محاولته تنفيذ عملية استشهادية ضد جيش الاحتلال، وقد وجه له 12 تهمة حُكم على إثرها بالسجن لمدة 18 عامًا قضى منها 9 أعوام.

تقول أم عمر: "قطع الراتب كان له تأثير مزدوج ليس فقط علينا كعائلة أسير رغم تأثيره الكبير من عدة نواحٍ: الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، بل أيضًا على الأسير ذاته الذي يقبع في الأسر في ظروف سيئة".

وتوضح بأن شقيقته حرمت من التعليم بسبب عدم مقدرة عائلتها على دفع الرسوم الجامعية، لكون عمر ابنهم البكر ومصدر الدخل الوحيد لعائلته، هذا إلى جانب الوضع المعيشي السيئ.

وتضيف: "حتى أن ابني أرسل لي عبر وسطاء أنه يحتاج إلى مبلغ مالي من أجل شراء الملابس الشتوية، ولا أستطيع تدبير الأمر وشراء ما يلزم له، لكوني محرومة من زيارته منذ سبعة أعوام، ويتم إرسال الفلوس عبر وسيط لشراء احتياجاته، ولم أتمكن من إخباره بعدم استطاعتي توفير المبلغ، فأضطر لتدبيره ولو على حساب عائلتي كون معاناته مضاعفة".

وتستغرب قطع السلطة لرواتب أسرى أفنوا زهرة شبابهم من أجل القدس بعيدًا عن عوائلهم.

أعباء مضاعفة

أما آمنة من سكان مدينة بيت لاهيا، زوجة الأسير إبراهيم الزوارعة والمحكوم بالسجن ستة عشر عامًا، قضى منها اثني عشر عامًا، فلديها خمسة أبناء، ثلاثة منهم من طلبة الجامعة، واثنان في المدارس، فقد قطع راتب زوجها منذ ثلاث سنوات ونصف، ودمر منزلهم بشكل كامل في الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة.

تقول: "باتت ظروفي المعيشية في أسوأ حالاتها، فالاعتقال يغيب زوجي، وفقدت مسكني، وقطع مصدر الدخل الوحيد الذي أعتاش وأبنائي منه، ووالدة زوجي مريضة تحتاج إلى علاج دائم، إلى جانب زوجي وما يحتاج إليه من مصروف شهري للكنتينا ليتمكن من توفير احتياجاته".

وما يزيد الطين بِلة، كما تقول، أنها تعيش اليوم في منزل مستأجر، ولا تستطيع توفير كل المستلزمات والمصاريف التي عددتها سابقًا، مشيرة إلى أنها لا تتلقى أي مساعدات خارجية من أي جهة.

وتأمل إعادة راتب زوجها لتتمكن وعائلتها من العيش بكرامة، وتستطيع تلبية متطلبات زوجها الأسير، "وإلا فلا تعرف أين سيكون مصيرنا"، مطالبة كل الجهات المعنية بحقوق الإنسان بالتدخل لإعادة راتب زوجها المقطوع.

لبناء المستقبل

أما الأسير إبراهيم الشاعر والمحكوم مدة 10 سنوات، قضى منها ستة، فقد قطعت السلطة راتبه منذ 4 أعوام، يؤكد والده عادل الذي يعمل مدرسًا بأن راتب الأسير من حقه لتأمين حياته وتوفير احتياجاته سواء كان في الأسر أو خارجه.

ويقول: "كنت أخطط لشراء شقة لإبراهيم وأدخر راتبه من أجل تزويجه بعد الإفراج عنه، إذ سيكون في حينه قد بلغ 29 عامًا، فهو شاب قد قضى زهرته في الأسر دون أن يبني شيء لمستقبله، هذا إلى جانب حاجته لمبلغ شهري من 500 إلى 700 شيقل من أجل سد ما ينقصه من طعام وملبس".

ويستذكر لحظة معرفة إبراهيم بانقطاع راتبه، إذ تأثر كثيرًا لكون هذا القطع والحرمان جاء من أبناء وطنه، ولم يسعه حينها إلا تسليم أمره إلى الله.

ويتابع عادل حديثه: "وصل تأثير القطع عليّ فأصبح يقع على كاهلي جهدًا فوق الجهد الذي أبذله من أجل تربية ثمانية أبناء وتلبية احتياجاتهم، وبات مطلوبًا مني توفير الكنتينا لإبراهيم من مالي الخاص".

ويوجه رسالة لأصحاب الضمائر الحية بأن يتقوا الله فيمن ضحي بحياته وزهرة شبابه في سبيل الوطن والدفاع عنه، وينظروا إليهم بعين الرحمة والشفقة، ويستردوا لهم حقوقهم المالية المسلوبة.