فلسطين أون لاين

تحليل أَسْر ضابطَيْ "موساد" خارج فلسطين "ضربة أمنية للاحتلال"

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

شكَّل ما عرضته قناة "الجزيرة" الفضائية بشأن أسْر ضابطين في جهاز "الموساد" الإسرائيلي ضربة أمنية وعسكرية كبيرة أمام الشارع الإسرائيلي، وعلى الصعيدين الدولي والإقليمي، حسب ما يقول مراقبون.

ونشر برنامج "ما خفي أعظم" مقطع فيديو لحركة تطلق على نفسها "حرية" تبنّت فيه أسر ضابطين إسرائيليين كانا في مهمات أمنية خارج فلسطين المحتلة، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.

وقال البرنامج إنّ "الجهة الخاطفة نشرت فيديو يظهر الضابطين مع صور أوراق ثبوتية إسرائيلية، ويعرفان نفسيهما أنهما "ديفيد بيري، وديفيد بن روزي"، وتكتم الآسرون على مكان الاحتجاز، وربطوا مصيرهما بالإفراج عن أسرى فلسطينيين.

نكسة استخباراتية

يقول الخبير والمحلل العسكري اللبناني، اللواء أمين حطيط، إن سياسة (إسرائيل) قائمة على عملية التقصي والتجسس، من خلال تفعيل مخابراتها خارج حدودها بشكل دائم.

ويوضح حطيط في حديث لـ"فلسطين"، أن اللافت في العملية الجديدة هو القدرة على مكافحة أجهزة التجسس وتتبع أذرع الاحتلال في الخارج واعتراضهم ومحاصرتهم.

ورأى أن أسر الضابطين الجديدين "نكسة استخباراتية للإسرائيليين"، لكونه سيُفقد (إسرائيل) الكثير من المعطيات ويفتح المجال أمام الخاطفين لمعرفة الأهداف التي تعمل على تتبعها في الخارج بشكل محدد.

وبحسب حطيط، فإن هذا الأمر من شأنه إجهاض الخطط أو المشاريع الإسرائيلية العدوانية التي تعدها في مواجهة أعدائها، متوقعاً أن تُحدث هذه الحادثة "هزة كبيرة في المنظومة الإسرائيلية للاستخبارات عبر الحدود والتجسس".

وبيّن أن الضربة التي تلقتها دولة الاحتلال جعلتها تصب جام غضبها على الأسرى الفلسطينيين في سجونها، ضمن سياسة الانتقام التي تنفذها، من أجل حرف الانتباه عن النكسة الأمنية الكبيرة.

كما يسعى الاحتلال من الانتقام، وفق حطيط، إلى اشغال الإعلام المقاوم المعادي له، في ملف الأسرى وحجب هذا الإنجاز الكبير عن التداول الإعلامي، حتى لا يتعمق المأزق الإسرائيلي في مجتمعه.

ونقلت حلقة "الطريق إلى الحرية" تسجيلات حصرية لأسرى تعرضوا للقمع والتعذيب، ووضعوا في زنازين انفرادية وتم ضربهم وشتمهم.

وفي تسجيل حصري نقل أحد الأسرى تفاصيل ما جرى، ومما ذكره الضرب المبرح والتنكيل والإذلال والإهانة، وكان شعار السجانين "اكسر.. لا يوجد قانون".

واستبعد حطيط أن يُقدم الاحتلال على عمل أمني أو عسكري في الوقت الراهن، إنما سيعمل على ترميم الوضع الذي خلّفته حادثة اختطاف الضابطين، ومحاولة الالتفاف على هذا الإنجاز والتخفيف من حدته.

وأشار إلى أن (إسرائيل) ستجد نفسها بحاجة لمراجعة أساسية وجذرية لكل ما يُمكن تسرُبه بيد الأعداء، الأمر الذي يُربك حساباتها في خططها المستقبلية، منوهاً إلى أن هذا الأمر سيتسبب بإهدار الوقت والجهد وبذلك تكون تلقت ضاربة قاسية.

من جهته، يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة، إن حالة صمت واسعة خيّمت على الشارع الإسرائيلي ووسائل الإعلام، ما يفسر حالة الصدمة التي انتابت (إسرائيل) وقيادتها من هذه الضربة.

وأوضح جعارة في حديث لـ"فلسطين"، أن سياسة الاحتلال قائمة على الرفض بشكل قاطع أسر أي ضابط موساد في أي دولة في العالم.

ونبّه إلى أن تأثير حادثة الأسر مرهون بمدى أهمية ضابطي الموساد ووزنهما، والدولة التي جرت فيها عملية الخطف، لذلك سيسعى الاحتلال إلى الوصول لمنفذي العملية.

ولم يستبعد جعارة أن تدفع هذه الحادثة بتسريع عملية تبادل الأسرى في قطاع غزة، "فالاحتلال لن يستطيع الحصول على شيء من المقاومة إلا بالتبادل"، وفق رأيه.

حرب العقول

المختص في الشأن الإسرائيلي د. صالح النعامي، رأى أن عملية الأسر "حدث تأسيسي في حرب العقول بين المقاومة والكيان الصهيوني؛ وإن كان لم يتم التعرف على الانتماء التنظيمي والمكاني للجهة المنفذة".

وبيّن النعامي في حديث لـ"فلسطين"، أن هذا التحول الذي يعكس براعة وتصميما منقطعي النظير يضع نهاية لاحتكار (إسرائيل) العمل ضد المقاومة في الخارج عبر الاغتيالات والخطف.

وأوضح أن تكتم (إسرائيل) وإلزامها إعلامها بعدم التعرض لما كشفه برنامج "ما خفي أعظم" يشير إلى عمق الحرج الذي أصاب القيادة الإسرائيلية لإدراكها أن هذا الحدث خلط الأوراق على صعيد أي صفقة تبادل أسرى قادمة؛ فضلا عن أنه يوسع من دائرة الأعباء على تأمين عشرات الآلاف من ضباط الاحتياط في الخارج؛ الذين يتحركون في إطار ارتباطاتهم الاقتصادية والتجارية.

وأشار إلى أن عدم تحديد هوية الجهة المسؤولة عن أسر الضابطين الإسرائيليين يمنحها هامش مناورة أكبر ويجعل (إسرائيل) أكثر عجزا عن التعامل مع هذا التطور.

وختم النعامي حديثه: "لن يكون مستهجنا أن تزيد بعض الأطراف العربية من جهودها الهادفة إلى محاولة التوصل لصفقة أسرى جديدة".

وفي السياق رأى الكاتب والمحلل السياسي، ذو الفقار سويرجو، أن عمليات الأسر هي الرد الأنسب على عمليات الاغتيال التي نفذها "الموساد" في عدة دول عربية وأوروبية.

واعتبر سويرجو في تغريدة عبر صفحته الشخصية على "فيس بوك"، عملية الأسر "ضربة موجعة وتبشر بنهاية هذا التغول الاسرائيلي خاصة بعد أن حقق رجال المقامة اختراقا كبيرا على صعيد الحرب الالكترونية والكشف عن هويات وعناوين العناصر الأمنية الاسرائيلية في الداخل والخارج".

وختم حديثه "تبقى الخطوة القادمة وهي الوصول لهذه العناصر في الداخل وتوجيه رسائل قاطعة بأن الموت لم يعد حكرا على الفلسطينيين وحدهم".