فلسطين أون لاين

تقرير محللان: الإمارات تقدم للاحتلال تنازلات سياسية وأمنية "غير مسبوقة"

...
وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد مع وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لبيد بأبو ظبي (رويترز)
غزة - صفاء عاشور

رأى محللان سياسيان أن التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى مرحلة "غير مسبوقة" من التنازلات السياسية والأمنية، مشيرين إلى أن الإمارات فتحت كل الأبواب للاحتلال لتأسيس قاعدة أمنية متقدمة في قلب الأمة العربية والإسلامية.

وأوضح المحللان في حديثين منفصلين مع "فسطين"، أن سماح الإمارات بالوجود الأمني للاحتلال على أراضيها سينعكس سلبيا على القضية الفلسطينية، وسيزيد من فرص ملاحقة الفلسطينيين في الإمارات وغيرها من دول الخليج والعربية.

وكشفت وثائق نشرها موقع "إمارات ليكس" الثلاثاء الماضي، عن اتفاق إماراتي إسرائيلي، خلال زيارة وزير خارجية الاحتلال إلى أبوظبي في 29/06/2021، استقرار 7 وكلاء وضباط في أمن الاحتلال الداخلي بهوية إماراتية في 7 مراكز قيادية شرطية في أنحاء الإمارات، وفي معرض إكسبو 2020، حيث تقرر أن يعمل الوكلاء بوصفهم كبار المستشارين لقيادات الشرطة المحلية.

ووفقا للوثائق، يتعين على كبار قادة شرطة الإمارات توفير الإمكانيات اللازمة لإنشاء مكتب مستقل لضباط الموساد والشاباك جنب مكاتب عملهم، علاوة على توفير القوات والأجهزة والدعم اللازم لهم لتنفيذ عملياتهم المبرمجة، في المقابل يلزم لهؤلاء الضباط مجرد استخدام إمكانيات شرطة الإمارات لكل إجراء يخططون له.

حالة أمنية

وقال المحلل السياسي تيسير محيسن:" إن وصول العلاقة بين الاحتلال والإمارات إلى مستوى الوجود الأمني الإسرائيلي على أرض عربية، وممارسة مهام لها علاقة بالسيادة فهذا يعني تنازل عن السيادة الإماراتية، وهذه سابقة لم تحدث في العلاقات الدولية.

وأوضح محيسن أن منح (إسرائيل) صلاحية العمل الأمني في الإمارات هو تنازل إمارتي عن جزء من سيادتها الأمنية لمصلحة الاحتلال، وهذه الحالة تفوق أعلى مستويات التعاون والتطبيع والتبادل السياسي والدبلوماسي بين الدول والكيانات في العالم.

وذكر أن ما يحصل بين الإمارات و(إسرائيل) لم يحصل من قبل في العلاقات الدولية بأن تسمح دولة لأخرى بممارسة مهام أمنية، حيث إنه لم تصل حالة الانسجام والتنسيق والتعاون بين الدول إلى درجة المس بالسيادة من قبل الدولة الأخرى خاصة في الموضوعات الأمنية.

وأضاف أن (إسرائيل) قد تخطت كل الحواجز، وأن الإمارات فتحت كل الأبواب للاحتلال ليعبث بها وليؤسس له قاعدة أمنية متقدمة في قلب الأمة العربية يستطيع من خلاله تحقيق أهدافه بشكل أسرع وأنجح في ملاحقة كل من يقف أمامه.

وبين أن هذا التطبيع والتعاون الأمني سيفتح الباب أمام ملاحقة الفلسطينيين في دول الخليج والدول العربية، وسيكون سابقة لم تحدث بين (إسرائيل) وأي من الدول العربية التي أقامت اتفاقيات للتطبيع كمصر والأردن.

ورأى محيسن أن هذه الاتفاقيات تكشف عن مستوى الانهيار في الحالة العربية، وستنعكس سلبياً على قدرة الشعب الفلسطيني على مجابهة الاحتلال وإثارة الرأي العام ضد الجرائم التي يرتكبها في فلسطين.

ولفت إلى أن السرعة في توطيد العلاقات بين الإمارات والاحتلال قد تغري دولًا عربية لتذهب بعيداً في توثيق علاقتها مع الاحتلال دون حرج، مشيرًا إلى أن السلوك الذي تمارسه الإمارات يـأتي في ظل صمت عربي وعدم انتقاد أي أطراف لما تقوم به من تطبيع على حساب القضية الفلسطينية والمصالح العربية.

غير مسبوق

من جهته، وصف الكاتب والمحلل السياسي، ساري عرابي، مستوى التطبيع الإماراتي مع الاحتلال بـ"غير مسبوق"، لافتًا إلى أن "لا شيء مستغرب من أي تصرف تقوم به الإمارات موضوع للتطبيع".

وقال عرابي: "العلاقة بين الإمارات والاحتلال لا تتوقف عند التطبيع فقط بل هي علاقة تحالف عميق وعمل في خندق واحد وإدارة رؤية مشتركة وخطة واحدة للمنطقة العربية"، لافتاً إلى أن هذا التحالف الإستراتيجي بين الطرفين قد يقتضي وجود اتفاقيات أمنية وشرطية.

وأضاف أن هذا الاتفاق يمس أكثر من سيادة دولة عربية ليتعدى الأمر إلى الكرامة والشرف والقيم والثوابت العربية، مشيرًا إلى أنه على المدى البعيد والإستراتيجي ستكتشف الإمارات خطأها في التطبيع مع الاحتلال.

وذكر أن وجود مقر أمني استخباراتي للاحتلال في دولة عربية أمر خطِر خاصة أن (إسرائيل) دولة معادية للفلسطينيين في كل مكان، كما أنها معادية للشعوب العربية ولعدد من الدول الإقليمية وتشكل خطرًا أمنيًا كبيرًا.

ونبه عرابي إلى أن الوجود الإسرائيلي في الإمارات قد يهدد مصالحها ويشكل خطرًا إستراتيجيًا وحيويًا على بعض الدول، مشيرًا إلى أنه قد يتم استهداف هذا الوجود؛ ما يجر الإمارات لأن تضع نفسها جزءًا من مشكلة إسرائيلية مع العديد من الدول والأطراف الإقليمية.

وبين أن التطبيع الأمني بين الاحتلال والدول العربية موجود بشكل معلن وغير معلن، ولكنه ليس بالشكل الفج الذي تعلنه الإمارات مؤخراً، متوقعاً أن تستمر الإمارات في تقديم التنازلات لـ(إسرائيل) لأنها تعتقد أن هذا سيشكل لها عنصر حماية وزيادة نفوذ في العالم. 

ولفت عرابي أن الإمارات تعتقد أن بتحالفها مع (إسرائيل) سيحميها من بعض المشكلات في المنطقة خاصة ما يتعلق بالإسلام السياسي، والمشكلات مع إيران، أو حتى في أي خلاف مع دول الخليج، لذلك هي تقدم كل شيء لـ(إسرائيل) كأنها دولة طبيعي وجودها بين الدول العربية.