خرجت علينا " حكومة " الحمد الله، وكعادتها، بتصريح تقول فيه .. إن مجلس الوزراء يدعو " حماس " للتراجع عن انقلابها، والالتزام بخطة الرئيس!
وإذا أردنَا أن نُعمل العقل ونَطرُق الموضوعية، فإن " فريق عباس " ليس مجلساً للوزراء وبالتالي ليس حكومة بأي حال وذلك وِفقاً للقانون الأساسي الفلسطيني وهو " الدستور الفلسطيني " المؤقت الذي سَنَّهُ وصادق عليه المجلس التشريعي الذي ينتمي كل أعضائِه لسلطة " حركة فتح " والذي جاء نتاجاً للانتخابات " العائلية " لمجلسهم التشريعي في العام 1996 ميلادية، وما تلا ذلك من تعديلات في عامي 2003 و 2005 ميلادية.
القانون الأساسي الذي اعتبره الجميع فلسطينياً لم يكن من بَنات أفكار " حركة حماس " وينص على أن شرعية أيّ حكومة تُكْتَسَبُ فقط حين يُصادق المجلس التشريعي عليها، وإلاّ فهي فاقدة للشرعية تماماً، وهذا ما لم يتم مع كل " فِرَق السكرتاريا " التي عَيَّنَها " الرئيس " محمود عباس منذ تجميده للمجلس التشريعي الفلسطيني الذي انتخبهُ الشعب بكل طيوفهِ السياسية كبيرها وصغيرها في 25 كانون الثاني عام 2006 ميلادية في أكثر الانتخابات الديمقراطية شفافية ونزاهة في المنطقة باعتراف مراقبين عرب وأجانب من كل قارات الدنيا ومن بينهم " مؤسسة كارتر " التي يترأسها الرئيس الأميركي الأسبق الذي قال إنه لم يشهد انتخابات بكل تلك المصداقية.
والمجالس التشريعية أو البرلمانات ووفقاً للدساتير الوطنية في جميع الدول تمتلك الشرعية القانونية الممتدة، أي أن صلاحياتها في إدارة التشريع والرقابة والمحاسبة لا تنتهي ولا تتقادم أيضاً حتى لحظة انتخاب مجلس تشريعي أو برلمان جديد.
وهذا لا ينطبق على الرئيس أو الحكومة في أي دولة ديمقراطية، حيث يمكن إقالة الرئيس أو محاكمتهِ إذا فقد أهليته بمرض يعيقه عن أدائهِ مهامه، أو بالخيانة للوطن أو بانتهاء دوراته الرئاسية أو بالوفاة، أما المجلس التشريعي فيستمر في أداء مهامه ويصبح رئيس المجلس هو رئيس البلاد لمدة 60 يوماً حيث تجري الانتخابات الرئاسية وهذا ما تم حين استشهد الرئيس القائد ياسر عرفات في 11/11/2004 ميلادية!!
وكذلك الحكومة يمكن للمجلس التشريعي أن يسحب ثقته بها ومن ثم يعين الرئيس من يرأس الحكومة الجديدة الذي عند انتهائه من تشكيلها يقدمها للبرلمان الذي له كل الحق في المصادقة عليها أو لا أو على البعض من وزرائها.
والشرعية يمنحها الشعب دوماً لممثليه أيّاً كانت تلك المؤسسات التمثيلية من خلال صندوق الانتخابات ولا شرعيّة لأحد في غير ذلك فجميع أبناء الشعب يتساوون أمام القانون!
والشرعية التي اكتسبها المجلس التشريعي في انتخابات عام 2006 ميلادية فازت بها حركة المقاومة الإسلامية " حماس " بأغلبية ساحقة فاقت 60% وبعضوية 75 نائباً من بين 132 عضواً للمجلس.
ووفقاً للدستور الفلسطيني المؤقت المذكور تم تشكيل الحكومة العاشرة التي ترأسها الأستاذ إسماعيل هنية الرئيس الحالي للمكتب السياسي " لحركة حماس ".
هذه هي الشرعية الدستورية الفلسطينية التي ارتضاها الشعب الفلسطيني وكانت خياره الذي لا مراء فيه.
ولكن " حركة فتح " ومن والاها وقد أحرزوا الأقلية قاموا بالانقلاب على إرادة الشعب فتمردت الأجهزة الأمنية وقام موظفوهم في الوزارات المختلفة بإعلان العصيان المدني لإفشال حكومة الشعب وحصارها ومَنْعِها من أداء مهامها في إدارة الشأن العام.
كما قام " الرئيس " محمود عباس بإقالة الحكومة لأسباب سياسية فصائلية دون أي سند قانوني كان، ثم تَجرَّأَ على تجميد المجلس التشريعي وتشكيل سكرتاريا هزيلة تابعة أسماها حكومات تلك التي تعاقبت في خرق فظ للقانون الأساسي الفلسطيني يعلمه الجميع.
الانقلابيون في سلطة " حركة فتح " في مقاطعة رام الله المحتلة، بدؤوا منذ إعلان انقلابهم وفور إعلان فوز "حركة حماس " في مشاركة العدو في حصاره لقطاع غزة، بل وإخراجه من ولاية " حكوماتهم " وتآمروا على مقاومة الشعب الفلسطيني الباسلة بالتخابر مع حكومة الاحتلال وتقديس التعاون الأمني معها خلال العدوانات الدموية الغادرة خلال الأعوام 2006، 2008، 2012، و 2014 ميلادية، ولا يزالون سادرين في غيّهم بقطع مرتبات أسر الشهداء والجرحى والأسرى ويمتد تآمرهم الآسن على مرتبات الموظفين من أبناء حركة فتح نفسها والفصائل الوطنية الأخرى.
هذه هي حقيقة الانقلاب التي يراها ويعلم كُنهها كل الشعب وقواه الوطنية المقاومة، وكما يقولون " رمتني بدائها وانْسَلَّت!! ".