طالب ممثلو منظمات المجتمع المدني وخبراء وحقوقيون بضرورة أخذ الأبعاد التنموية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية في الاعتبار خلال إعادة إعمار قطاع غزة مطالبين بضرورة تنسيق الجهود من خلال تشكيل إطار وطني لإعمار ما دمرته سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير على قطاع غزة بمشاركة ممثلين عن الحكومة والقطاعين الأهلي والخاص وخبراء لإعادة إعمار شاملة بكل أبعادها، على أسس تشاركية بعيداً عن الخلافات والانقسام السياسي.
وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا في كلمته خلال افتتاح مؤتمر "إعمار غزة.. الأبعاد والحقوق": إن "آلاف الأسر تنتظر بفارغ الصبر أن تبدأ عجلة إعادة الإعمار في الدوران"، مؤكدا ضرورة أن يكون الإعمار لمختلف القطاعات التي تضررت بفعل العدوان والحصار الإسرائيلي على مدار سنوات طويلة، مشيرا إلى أن أحوال قطاع غزة لم تكن في أحسن حال قبل العدوان الأخير في أيار (مايو) الماضي.
وأشار الشوا إلى أن الشبكة دعت خلال السنوات الماضية، وجددت دعوتها بعد العدوان الأخير إلى تشكيل إطار وطني جامع وشامل للإشراف على إعادة الإعمار بأبعادها القانونية والاقتصادية والاجتماعية.
ولفت الشوا إلى أن المؤتمر يُعقد في ظل حملة تحريض غير مسبوقة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، بخاصة المؤسسات الست التي صنفها "منظمات إرهابية".
من جانبه، قال منسق الهيئة الإدارية للشبكة في قطاع غزة تيسير محيسن: إن "المؤتمر يأتي في ظل محاولات الاحتلال المحمومة لوسم نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب، وبعد خمسة أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع".
وطالب محيسن بتحييد إعادة الإعمار عن الخلافات السياسية، وضمان مشاركة كل الأطراف في عملية شفافة بمشاركة ممثلين عن المتضررين، وفصل أموال إعادة الإعمار عن موازنة السلطة، وإنشاء صندوق خاص بالإعمار.
ودعا محيسن إلى تبني إستراتيجية تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وتحميل الاحتلال مسؤولية تدمير القطاع، ورفض مقايضة الحقوق الوطنية والاقتصادية بأي ثمن.
بدوره، طالب ممثل مؤسسة "فريدريش إيبرت" د. أسامة عنتر بأن تكون عملية إعادة الإعمار في إطار رؤية وطنية مستقبلية شاملة. وتساءل عنتر عن سبب عدم وجود مفهوم إعادة الإعمار وفق رؤية ونهج اجتماعي.
في ورقته حول الأبعاد الاقتصادية لإعمار غزة، قال الاستشاري المهندس مأمون بسيسو خلال الجلسة التي أدارتها مديرة المناصرة في جمعية الإغاثة الزراعية نهى الشريف: إن "خسائر المنشآت الاقتصادية خلال العدوان الأخير بلغت أكثر من 30 مليون دولار". وأضاف أن "93 في المئة من المنشآت الاقتصادية المتضررة بحاجة إلى ثمانية ملايين دولار لإعادة تأهيلها".
وأشار بسيسو إلى ما قدمته الحكومتان المصرية والقطرية اللتان أعلنتا تقديم مليار دولار مناصفة كمساعدات لقطاع غزة بعد العدوان الأخير، موضحاً أن المنحة المصرية ليست مخصصة لإعمار ما دمرته سلطات الاحتلال فقط، بل لإقامة مشاريع تنموية.
وفي ورقته حول البعد النفسي والاجتماعي لإعمار غزة، قال د. ياسر أبو جامع مدير برنامج غزة للصحة النفسية: إنه "لا توجد أي دراسات مسحية حول ما يجري في المجتمع الفلسطيني على مستوى الصحة النفسية".
وأشار أبو جامع إلى أن هناك من الناس من يبحث عن خدمات الصحة النفسية، وآخرون يعبرون عن حاجتهم لخدمات الصحة النفسية.
وأوضح أبو جامع أن البرنامج استقبل خلال عام 2020 قرابة 3200 حالة، في حين استقبل منذ بداية العام الجاري قرابة 3340 حالة، 30 في المئة منهم لديهم اضطرابات القلق، ونحو 25 في المئة لديهم اكتئاب.
وحول البعد القانوني والحقوقي، اعتبر نائب مدير مركز الميزان الحقوقي سمير زقوت أن التعاطي مع إعادة إعمار ما دمرته قوات الاحتلال خلال العدوان الأخير يتم كما في كل المرات السابقة خارج نطاق القانون.
وشدد زقوت على أن هذا التعاطي يتعارض مع أبسط معايير العدالة الدولية والالتزامات الصريحة، التي أكدت عليها معاهدات وصكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وهذا بقدر ما سيساعد الضحايا والمجتمع على ترميم وإعادة بناء ما دمره الاحتلال بقدر ما سيفتح المجال أمام تكرار المشهد.
وطالب زقوت بالتمسك بالقانون الدولي كأساس لإعادة الإعمار، معتبراً أن ذلك سيحقق أكثر من غاية، أهمها أن سلطات الاحتلال ستكون أكثر حرصاً عند اندلاع الصراع العنيف تجاه احترام قواعد القانون في سلوكها.
وشدد الباحث محسن أبو رمضان في ورقته حول الأبعاد السياسية لإعمار قطاع غزة على أنه لا يمكن الفصل بين إعادة الإعمار وبين إنهاء الحصار والعدوان من قبل الاحتلال وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بوصف التنمية جزءاً منه.
وقال أبو رمضان إنه يجب التعامل مع عملية إعادة الإعمار بمنظورها السياسي والتنموي تنفيذاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1986 الخاص بإعلان الحق بالتنمية، الذي يربط التنمية مع حق الشعوب في تقرير المصير والسيادة الوطنية.