أعلنت عائلات "الشيخ جراح" اليوم الثلاثاء رفضها بالإجماع التسوية المقترحة من محكمة الاحتلال "العليا" في قضية أراضي الحي بالقدس المحتلة.
ويقوم "مقترح التسوية" الإسرائيلي على اعتبار الجيل الحالي فقط من سكان الشيخ جراح في المنازل بمرتبة مُستأجر محمي بموجب القانون، إذ يتضمن مخاطر جدية سياسية وقانونية من شأنها تمليك شركة "نحلات شمعون" الاستيطانية لأراضي الحي.
وقال بيان صادر عن أهالي وحدات حي الشيخ جراح، إن تلك التسوية "كانت ستجعلنا بمثابة مستأجرين محميين عند الجمعية الاستيطانية (نحلات شمعون)، وتمهد تدريجيًا لمصادرة حقنا في أراضينا".
وأضاف البيان أن هذا الرفض "يأتي انطلاقًا من إيماننا بعدالة قضيّتنا وحقنا في بيوتنا ووطننا بالرغم من انعدام أي ضمانات ملموسة لتعزيز وجودنا الفلسطينيّ في القدس المحتلة من قبل أي جهة أو مؤسسة".
وجزم بيان الأهالي أن تهرُّب محاكم الاحتلال من مسؤوليتها في إصدار الحكم النهائي، وإجبارنا على الاختيار بين التهجير من بيوتنا أو الخضوع لاتفاق ظالم، ما هو إلّا امتداد لسياسات استعمارية تهدف لشرذمة التكافل الاجتماعي الذي حققه الشعب الفلسطيني في الهبة الأخيرة، ومحاولة لتشتيت الأضواء عن الجريمة الأكبر: التطهير العرقي الذي يرتكبه الاحتلال ومستوطنيه".
وتابع: "نحن لا نقبل أن تسوّق صورة احتلال منصف على حسابنا، ولن نرضى بأنصاف الحلول".
ونوه البيان إلى "أن للشارع الفلسطيني دور مصيري في صياغة الرأي العام المحلي والعالمي ضد سياسات الاستعمار الاستيطاني، وبالتالي فإننا نعوّل عليه ألّا يقع في فخ الاحتلال لتمزيق الوحدة الوطنية والحاضنة الاجتماعية التي حققناها سويًا الصيف الماضي في انتفاضتنا الشاملة ضد التطهير العرقي".
وأعرب أهالي الشيخ جراح في بيانهم عن أملهم "من شعبنا العظيم أن يؤازرنا في تبعات موقفنا الرافض والتي نعلم أنها ستكون ثقيلة ولا يصدها إلا التكاتف الشعبي".
وحملوا حكومة الاحتلال بشكل كامل "مسؤولية سرقة بيوتنا، كما تتحمل المسؤولية بشكل موازي السلطة الفلسطينية، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) والمملكة الأردنية الهاشمية، التي بنت الشيخ جراح كمشروع لإسكان اللاجئين عام ١٩٥٦ واعطتنا الحق الكامل في ملكية الأرض".
وبهذا السياق، طالبوا المجتمع الدولي -الذي ندد دائما ضد تهجيرنا وأسماه جريمة حرب- بأن يقف عند مسؤولياته ليردع المحاكم الإسرائيلية عن طردنا من حيّنا الذي سكنّاه ودافعنا عنه لأجيال وأجيال.
وشددوا على أنه "آن الأوان أن تنتهي نكبتنا، لنعيش مع أبنائنا وبناتنا من دون شبح التهجير".
وفي وقت سابق اليوم، دعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري عائلات الشيخ جراح إلى رفض التسوية المطروحة من قبل سلطات الاحتلال بالمطلق، باعتبارها تسليم البلاد للاحتلال.
وشدد الشيخ صبري على أن الموقف الرافض للتسوية هو الموقف والواجب الوطني والشرعي، موجهًا رسالته لعائلات الشيخ جراح: "لأن موقفكم أقوى لأن العالم يعلم بقصة الشيخ جراح".
وقال إن خطورة هذه التسوية بتملك الاحتلال لأراضي الشيخ جراح ستمكنه من محاصرة المسجد الأقصى المبارك من الجهة الشمالية ويسعى لمحاصرته من الجهة الجنوبية كحي سلوان.
وأضاف أن "أي خطوة يقوم بها الاحتلال تصب في تهويد المدينة لتكون عاصمة لليهود في العالم وليس عاصمة لـ(إسرائيل)، الأمر الذي لن يتحقق بإذن الله".
كانت حذرت مؤسسة القدس الدولية من مغبة الموافقة على قرار "التسوية" الإسرائيلي، الذي طرحته محكمة الاحتلال "العليا"، في قضية أراضي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، معتبرة ذلك بأنه "خروج عن الإجماع الوطني والقومي والإسلامي، وشق للصف".