وجهت فصائل فلسطينية رسالة إلى ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، تطالبها بضرورة غسل عار "وعد بلفور" المشؤوم الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا في عام 1917، ومنح خلاله اليهود "وطناً قومياً" في فلسطين.
وحمّلت الفصائل في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، بريطانيا المسؤولية الكاملة عن هذا الوعد المشؤوم، وما تمخض عنه من تشريد للشعب الفلسطيني، مطالبة إياها بضرورة الاعتذار وإعادة الحقوق للفلسطينيين.
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، وصف وعد بلفور بـ "الخطيئة الكبرى"، إذ سيبقى يلاحق بريطانيا العار ما دام الاحتلال الإسرائيلي باقيًا على أرض فلسطين.
الاعتذار والتعويض
وقال المدلل: إن بريطانيا قد غيّرت بهذا الوعد مجرى التاريخ البشري كله وليس فقط المنطقة، لذلك فإن العالم كله يعيش "اللااستقرار واللاأمن"، نتيجة استمرار هذا الاحتلال الذي سببه "وعد بلفور".
وحمّل بريطانيا ملكة وقيادة المسؤولية الكاملة عما جرى للشعب الفلسطيني منذ 104 سنوات، إذ إنه لا يزال يعيش المآسي والتهجير، مطالباً إياها بالاعتذار وتعويض الفلسطينيين عن كل عقود المعاناة، ودعم حقوقهم بالعودة لديارهم في فلسطين.
وشدد على أنه "لا مكان للعدو على أرض فلسطين، وهذا ما أثبتته المقاومة خلال المعارك الأخيرة، رغم أن بريطانيا أوجدته وأمريكا تدعمه والمجتمع الدولي صامت على جرائمه"، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني لا يزال يواصل نضاله بكل الأشكال حتى يرحل العدو عن أرضه.
وأضاف أن "يوم إعلان وعد بلفور كان أسودَ في تاريخ الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، لكنه لم يضغط على شعبنا بأن ينسى حقوقه".
وجدد المدلل تأكيده ضرورة إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني الذي يقوم على الوحدة الوطنية واستمرار المقاومة وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، مطالباً السلطة بالتحلل من كل الاتفاقيات مع العدو والعودة لخيار المقاومة المستمرة ضد الاحتلال.
بدوره، شدد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إياد عوض الله، على ضرورة وقوف بريطانيا تجاه مسؤولياتها وتصويب المسار الكارثي الذي صنعته للشعب الفلسطيني، والوقوف بجانبه ضمن إطار أن ما جرى هو جريمة بحق الإنسانية.
وقال عوض الله: "على بريطانيا، الاعتذار رسميًّا للشعب الفلسطيني"، مؤكداً أن هذا الوعد "لن يُعطي الحق الشرعي للحركة الصهيونية في أرض فلسطين، لذلك إزالة الاحتلال قادمة حتماً".
وأضاف: "آن الأوان لتصويب المسار بإعادة الحقوق لشعبنا الذي ما زال مهجراً نتيجة هذا الوعد، والذي قدم تضحيات جسام على مدار العقود الطويلة".
وجدد التأكيد أن هذا الوعد سيظل "وصمة عار" على جبين بريطانيا وملكتها التي وقفت مع الاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني.
ودعا عوض الله إلى تصويب المسار الداخلي الفلسطيني، وإنهاء الانقسام من أجل مواجهة التحديات التي تواجه الفلسطينيين، في ظل استمرار الإجرام الصهيوني وتشديد الحصار المفروض على غزة.
لن يتنازل
من جانبه، أكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، محمود خلف، أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه الوطنية الثابتة والمشروعة بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وأن الاحتلال لا بد أن يزول.
وقال خلف: إن "بريطانيا بهذا الوعد قد ارتكبت خطأً تاريخياً، وآن الأوان لها أن تكفر عنه وتعترف بالذنب وتعتذر للشعب الفلسطيني لما أقدمت عليه من إعطاء أرض فلسطين لليهود لإقامة دولة مزعومة عليه".
وأضاف: "حقوق شعبنا لا يمكن أن تسقط بالتقادم وهي ثابتة، وعلى مدار 104 أعوام نناضل من أجل زوال الاحتلال والتمتع بإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس".
ودعا خلف الأمم المتحدة للوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني، لكونها أقرّت بحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وزوال الاحتلال، مطالباً المجتمع الدولي بالوقوف أمام مسؤولياته وإنهاء آخر احتلال على وجه الكرة الأرضية.
حملة وطنية
وفي السياق، دعا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد، جميع الفلسطينيين في كل أماكن وجودهم إلى الاتحاد في حملة وطنية للتنديد بـ"وعد بلفور"، الذي شكل الأساس لمجمل الفظائع التي ارتكبتها الحركة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف خالد في بيان صحفي، أن "الوعد البريطاني باطل من أساسه، وكان ثمرة طبيعية للحرب العالمية الاستعمارية الأولى، وما ترتب عليها من إعادة تقسيم واقتسام المستعمرات بين الدول الاستعمارية القديمة، التي وجدت في الحركة الصهيونية أداة من أدواتها للسيطرة على المنطقة العربية".
ودعا إلى إطلاق مشروع متحف "الهولوكوست الفلسطيني" على غرار ما فعلت القوى الصديقة في كيب تاون في جنوب إفريقيا قبل خمس سنوات، من أجل كسر صمت المجتمع الدولي على الجرائم التي ارتكبها الاحتلال البريطاني على فلسطين وأداته الاستعمارية الصهيونية، بدءا من "وعد بلفور".
في حين جدد نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، هشام أبو محفوظ، مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار عن تصريح بلفور، ودفع التعويضات وتحمل مسؤولياتها عن مأساة الشعب الفلسطيني على كل المستويات، وعن جميع النكبات التي حلت بالشعب الفلسطيني منذ عام 1948.
وقال أبو محفوظ في بيان صحفي: "رغم مرور أكثر من قرن على تصريح بلفور المشؤوم، وما نتج عنه من جرائم ونتائج كارثية، لا يزال صوت الفلسطيني عاليا مطالبا بحقه في العودة إلى قراه ومدنه التي هجر منها عام 1948".
ودعا، الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، إلى تجديد الرفض لهذا التصريح وما نتج عنه، وتأكيد حق العودة، والعمل على مواجهة المشروع الصهيوني والتضييق على الكيان المحتل، عبر مواصلة مسيرة الصمود والتحدي.