تُمسك إيمان حنيدق ريشتها وألوان الإكريليك ترسم بها على حقيبة قماشية بيضاء، حاكها والدها لها من قبل، ما إن تنتهي من واحدة حتى تتركها لتجف، ومن ثم تنتقل إلى الأخرى لتصنع بعض الأشكال بخيوط التطريز بناء على طلب زبونة لها.
تضع إيمان تصوراً لشكل الحقيبة وحجمها في مخيلتها، ويقوم والدها الذي يعمل خياطا من عشرات السنوات بترجمته إلى تصميم حقيقي لحقيبة، وترشده بالإضافة التي تريدها عليها، كحياكة بعض قماش "الدانتيل" على واجهة الحقيبة، وإضافة بطانة داخلية لها لكي تتحمل وزن الكتب التي ستوضع بداخلها.
فكرة صناعة حقائب قماشية بدأت تراود إيمان (21 عاما) منذ أن كانت طالبة في السنة الجامعية الأولى لتخصصها سكرتاريا وسجل طبي، ولكن ظروف والدها المادية كانت العائق أمام تحقيق حلمها، ولكن بمثابرتها وبقليل من رأس المال أصبح لديها علامة تجارية باسم "وُريقة".
تقول إيمان من مدينة غزة لـ"فلسطين": "الحقائب غير متوفرة في قطاع غزة، ولكن منتشرة في العديد من دول العالم، وأردت توفيرها، ولكن بإضفاء بصمتي الخاصة".
تخرجت إيمان الثانية على دفعتها، فكرت أن يكون لها مشروع خاص يُدِرُّ عليها دخلا ماديا يعينها على توفير مصروفاتها اليومية، ولا سيما أن والدها يعمل خياطا بأجرة يومية بالكاد تعينه على توفير أساسيات العيش لعائلته.
وبعد عامين من التخرج، بحثت إيمان عن عمل بعائد مادي بسيط يُمكِّنها من ادخار القليل من المال لكي تستطيع البدء بمشروعها، وتستغل موهبتها في الرسم.
تضيف: "استطعت توفير 50 شيقلًا أسبوعيا، وهي رأس مالي في هذه المرحلة، حيث أشتري القماش لكمية تكفي لثمان حقائب، ومن ثم يحيكها أبي بحجم معين أطلبه منه، وبعدها أبدأ في الرسم أو التطريز عليها".
وتبين إيمان أنها تستهدف طالبات الجامعة، فالحقائب القماشية عملية وسهلة الاستخدام، وتستطيع تحمل أوزان الكتب، كما تضفي لمسة عصرية على لباسها، وتتناسب مع الموضة الحالية.
وتقدم الحقائب بأسعار تتناسب مع الوضع المادي للطالبات الجامعيات، ويقدر ثمنها بـ30 شيقلا؛ ما يقارب (9 دولارات).
وتتميز حقائب إيمان عن الحقائب القماشية المستوردة، بأنها أكثر متانة وجودة، وتوفر لها بطانة داخلية غير متوفرة بمثيلاتها، كما أن الرسومات والتطريز بصنع يدها.
وتسوق منتجاتها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام"، الذي يضم مئات المتابعين لها، حيث تُسلِّم الحقائب بغلاف مميز مع توصيل مجاني لكل محافظات القطاع.
وتوضح إيمان أنها لا تهدف إلى جني الربح الكثير، بقدر قيامها بعمل محبب لها، وتمارس فيه هوايتها في الرسم والتطريز.
وعن التصاميم الجديدة التي تدخلها على الحقيبة بألوانها السوداء، والبيضاء، والبيج، و"الأوف وايت"، تشير إلى أنها تصمم حسب ما يدور في مخيلتها، أو بناء على طلبات الزبونات.
ولا تنفك إيمان عن التفكير في ابتكار حقائب جديدة بتصميمات أخرى أكثر عصرية، حيث تكشف أنها تفكر بإدخال منتجات جديدة، من خلال تصميم محافظ جلد شفاف صغيرة الحجم، تُجاري موضة الحقائب الشفافة التي تغزو الأسواق حاليا.
وتطمح إيمان إلى توسيع مشروعها، وأن يكون لها مصنعها الخاص، وتكون "رُويقة" علامة تجارية تصدر إلى الأسواق الخارجية.
وتختم حديثها: "يمكن لأي فتاة أن تحقق حلمها، وتستغل موهبتها برأس مال بسيط للغاية لتقدم ما هو جديد وعصري يمكن أن يجد لها مكانا في السوق الغزي، لذا عليها ألا تيأس وتجرب".