في وقتٍ تعلن فيه السلطة في رام الله، عجزًا ماليًا كبيرًا في موازنتها العامة، ربما يجعلها غير قادرة على صرف رواتب موظفيها، أصدر رئيسها محمود عباس أكثر من 30 قرار ترقية دفعةً واحدة لوظائف عليا من الموظفين العموميين وتحديدًا الذين ينتمون لحركة "فتح" ومن أقارب المسؤولين في السلطة.
وصدرت القرارات التي أُعلنت بمراسيم رئاسية، مساء أول من أمس، وتشمل 32 موظفًا، في وظائف عليا وتحديدًا مجلس الوزراء والمؤسسات التابعة للسلطة، خمسة منهم تم ترقيتهم إلى درجة A1، وسبعة موظفين تم ترقيتهم إلى درجة A2، و13 موظفًا إلى درجة A3، وسبعة موظفين إلى درجة A4.
غياب المساءلة
وأكد الناشط في مكافحة الفساد، فايز السويطي، أن التعيينات الجديدة تدلل على غياب المؤسسة الفلسطينية الرسمية، وتكشف عن حجم الفساد في السلطة خاصة في ظل حديثها عن أزمة مالية، والعجز عن دفع رواتب الموظفين.
وقال السويطي، لصحيفة "فلسطين": إن التعيينات الجديدة جميعها تمت دون الحاجة إليها، وذهبت لمقربين من السلطة وموالين بشدة لها ومدافعين عنها، في وقت يتواصل تهميش أبناء الشعب الفلسطيني".
وأضاف: أن نحو 95% من تعيينات الفئات العليات مضمونة لموالين للسلطة كي يساعدوها في سلب حقوق ومقدرات الشعب، ويغضون الطرف عن فسادها.
وشدد على أن هذه التعيينات "باطلة وغير قانونية"، وتمت دون الاعتماد على مبادئ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية، وتخالف نظام التوظيف والترقية، خاصة أن السلطة فقدت شرعيتها منذ 16 عامًا.
وأشار السويطي إلى ضرورة إقرار عدة قوانين مهمة لمحاربة الفساد منها الحق في الحصول على المعلومات، وتحديد الترقيات من خلال نظام محدد وفق المعايير والمواصفات والشواغر، وحسب الكفاءة.
وشدد على ضرورة إجراء انتخابات شاملة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، وإعادة هيكلة المؤسسات ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومراقبة عمل السلطة لوقف تغولها على النظام والقانون الفلسطيني، ووقف الترقيات والتعيينات.
تفرد بالقرار
من جانبه، أكد منسق حراك "طفح الكيل"، جهاد عبدو، أن الترقيات والتعيينات الجديدة تتم دون الحاجة إليها، ودون الاعتماد على مبدأ الكفاءة والشفافية والمعايير الموضوعية.
وقال عبدو، في حديث لصحيفة "فلسطين": إن السلطة تعمل على ترقية المقربين منها والمؤيدين دون معرفة احتياجاته، ودون النظر إلى الأوضاع المالية.
وأضاف: "إننا سنشهد مزيدًا من الفساد المالي والإداري، في ظل تفرد شخص واحدة في القرار والنظام الفلسطيني، دون الرجوع إلى الشارع واحتياجات المؤسسات للموظفين.
واستغرب، تصريحات مسؤولي السلطة بوجود عجز مالي تعانيه، وإصرارها على عدم دفع مخصصات الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة، وعدم القدرة على توفير موازنات تشغيلية لبعض المؤسسات، في وقت يتم تعيين موظفين في أماكن حساسة ما يتطلب رفع رواتبهم، مشددًا على أنه "كان الأولى وقف التعيينات إلى حين انتهاء الأزمة المالية".
وشدد على أن التعيينات الجديدة لا تخدم إلا مقربين من السلطة وشخصيات تخدم سياستها، ولا بد أن تكون وفق الاحتياجات الفعلية والحقيقية لها، ووفق أسس ومعايير محددة تحقق العدالة للجميع، وهذا لا تلتزم به السلطة.
ولفت إلى أن الهدف من الترقيات الجديدة إرضاء شخصيات مقربة منها "عظام الرقبة" وتوفير الحماية وتسهيل سيطرة السلطة دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني.
وحث عبدو، الكل الفلسطيني لحراك جاد من أجل الضغط على السلطة لإجراء انتخابات شاملة وإصلاح منظمة التحرير، ومراقبة العمل الحكومي، ومحاسبة الخارجين عن القانون، وإخضاع وظائف الدولة لرقابة مشددة، ووفق القانون.