فلسطين أون لاين

تقرير "التشارين".. موسم صيد وفير ينقلب على الصيادين بغزة

...

 

يكشف نقاء مياه بحر غزة وصفاؤها في مثل هذه الأيام الخريفية عن خيرات كثيرة يغمرها البحر في أعماقه من أسماك وكائنات بحرية تنتظر أن تلتف حولها شباك الصيادين الذين يترقبون هذا الموسم على أحر من الجمر.

ويطلق الصيادون على هذه الأيام موسم "التشارين"، نسبة إلى شهري تشرين الأول/ أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر، ويعدُّ بالنسبة لهم فرصة صيد قوية لوفرة الأسماك فيه خاصة السردين.

لكن بعد إطلاع "فلسطين" على أوضاع الصيادين واستطلاع آراء بعضهم حول الموسم الحالي، تبين أنهم لم ينعموا بكميات صيد وفيرة هذا الموسم، لأسباب عديدة منها ما يتعلق بطبيعة البيئة البحرية والعوامل المؤثرة فيها، وأشياء أخرى تتعلق بمساحة الصيد المسموح لصيادي غزة الإبحار فيها، إضافة إلى انتهاكات بحرية الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر وحصاره المفروض على أدوات الصيد.

وتتحكم سلطات الاحتلال بحركة الاستيراد والتصدير في قطاع غزة، وتمنع دخول مواد أساسية مستخدمة في صناعة الصيد، ومنها "الفيبرجلاس" ومحركات القوارب وقطع الغيار الخاصة بها.

محدودية الصيد

وقال الصياد خالد الهبيل (52 عامًا)، إن الصيد في بحر غزة يعتمد على موسمين أساسييْن، هما الربيع والخريف. متابعًا أن موسم التشارين لهذا العام على غير طبيعته على الإطلاق بسبب قلة الأسماك وعدم وفرتها مقارنة بأعوام أخرى.

وأضاف لـ"فلسطين"، أن نسبة الصيد خلال الموسم الحالي لم تتعدَّ 30 بالمئة بالنسبة لموسم التشارين من العام الماضي.

ويعتقد الهبيل، من سكان مخيم الشاطئ للاجئين، غرب مدينة غزة، أن ازدياد أعداد الصيادين بغزة إلى ما يزيد على 4 آلاف صياد يعملون في مساحة صيد محدودة لا يمكن لها أن تزداد مترًا واحدًا بدءًا من شمال القطاع وحتى جنوبه بطول شاطئ يمتد 40 كيلومترًا.

هذا فضلًا عن مضايقات بحرية الاحتلال المزودة بزوارق وفرقاطات حربية، وما تمارسه من تلاعب بالمساحات البحرية المسموح بالصيد فيها.

وقال مِفلح أبو ريالة، إن تضييق الاحتلال للمساحات البحرية ومنع دخول معدات الصيد ومواد صنع القوارب وإصلاحها يؤثر في الصيادين كثيرًا ويسبب تراجعًا كبيرًا في دخلهم اليومي.

وأكد أبو ريالة لـ"فلسطين"، أن غالبية الصيادين يعتمدون على مصدر رزق وحيد يتمثل في صيد الأسماك، وبالكاد يستطيع غالبيتهم توفير قوت يومهم بسبب الخسائر التي يتكبدونها في رحلات الصيد التي تستمر ساعات طويلة، وما يتطلبه ذلك من وقود للمحركات، وأعمال صيانة لا بد منها بعد انتهاء الصيد.

وأشار إلى أن قطاع الصيد بحاجة ماسة إلى قوارب صيد جديدة بدلًا من المستخدمة منذ عشرات السنين والتي باتت غير صالحة للاستخدام، وقد أعاد أصحابها صيانتها مرات عديدة بتكلفة باهظة تكفي لشراء قوارب حديثة.

وقال مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي زكريا بكر، إن موسم التشارين أحد أهم مواسم الصيد، وفيه تعمل جميع قوارب الصيد على اختلاف تخصصاتها سواء كانت "لنشات جر"، أو قوارب السنار، أو مراكب صيد السردين، ولذلك ينتظره الصيادون باهتمام كبير كل عام.

وأضاف بكر لـ"فلسطين": الموسم الحالي يكاد أن يكون صفرًا بالنسبة للصيادين، وكميات الأسماك التي صِيدت قليلة جدًّا مقارنة بالموسم الماضي.

وأشار إلى أن عدم كفاية الأسماك لهذا الموسم، يترك تداعيات سلبية على الصيادين تزامنًا مع استمرار انتهاكات الاحتلال في عرض البحر، من عمليات ملاحقة للصيادين واستهدافهم وقواربهم والتلاعب بالمساحات البحرية.

وتابع: إن بحرية الاحتلال لا تترك فرصة مناسبة للصيادين للعمل بحرية في عرض البحر وضمن المساحة المسموح بالصيد فيها، ودائمًا ما تعكر عليهم خلال رحلات الصيد.

وطالب بكر بضرورة توفير الحماية الفورية للصيادين من جرائم الاحتلال المتواصلة يوميًّا بحقهم، وإدخال جميع معدات الصيد والمحركات ومواد تصنيع القوارب وقطع الغيار إلى غزة، وتوحيد المساحات البحرية المسموح للصيادين الإبحار فيها، ودون ذلك لن يتمكن الصيادون من صيد كميات وفيرة من الأسماك تغطي مصروفات رحلات الصيد وتكفي المواطنين في قطاع غزة.

وتفرض بحرية الاحتلال حصارًا على بحر غزة ينتج عنه عدم قدرة الصيادين الإبحار أكثر من 3 أميال في محافظات الشمال حتى ميناء غزة، ومن الميناء حتى بحر النصيرات وسط القطاع 6 أميال، وبدءًا من بحر النصيرات إلى جنوب القطاع يسمح للصيادين الإبحار 15 كيلومترًا في عرض البحر.