فلسطين أون لاين

ماذا وراء اتهام الاحتلال المؤسسات الفلسطينية بالإرهاب؟

القرار الذي اتخذه وزير جيش الاحتلال "بيني غانتس" قبل أيام تصنيف ست مؤسسات أهلية وحقوقية فلسطينية ضمن المؤسسات الإرهابية هو حلقة ضمن سلسلة اعتداءات الاحتلال المتواصلة ضد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وإرهابه المُنظم ضد الشعب الفلسطيني، بهدف تدمير المؤسسات الفلسطينية، وثني النخب والمؤسسات المجتمعية عن فضح جرائم الاحتلال وملاحقة قادته أمام المحافل والمؤسسات الدولية.

مزاعم الاحتلال بارتباط المؤسسات المُستهدَفة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتلقّيها أكثر من مائتي مليون يورو من عدة دول أوروبية يحمل في ثناياه تكذيبًا لرواية الاحتلال وادّعاءاته المزعومة، لكون الدول والمؤسسات الأوروبية تراقب وبدقّة متناهية آلية صرف جميع تبرعاتها المُقدّمة إلى الشعب الفلسطيني، وتضع آلية رقابة مشددة بإشراف مؤسسات دولية معتمدة لجميع المشاريع التي تمولها وتقوم على تنفيذها مؤسسات فلسطينية لصالح الشرائح الفلسطينية المُهمّشة والفقيرة.

بالنظر إلى طبيعة المؤسسات التي اتهمها الاحتلال بالإرهاب نجد أن لها دورًا إنسانيًا مهمًا على صعيد إبراز معاناة الأسرى في سجون الاحتلال، وتوفير حياة كريمة ولو بالحد الأدنى للشرائح الفلسطينية الضعيفة لا سيما النساء والأطفال، وهي توفر دعمًا محدودًا للمزارعين الفلسطينيين المتمسكين المدافعين عن أراضيهم الزراعية في مواجهة اعتداءات المستوطنين وتغَوّل المشروع الاستيطاني في الضفة المحتلة، ما يعني أن القرار الإسرائيلي يوفر غطاءً مباشرًا لتشديد إجراءاته القمعية ضد الأسرى في سجون الاحتلال، ويشكل دعمًا معنويًا للمستوطنين لمضاعفة اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين وسيطرتهم بالقوة المسلحة على الأراضي الفلسطينية في الضفة.

أولى المؤسسات المستهدفة مؤسسة الحق الفلسطينية التي تتمتع بصفة استشارية في الأمم المتحدة، وعضوية العديد من الشبكات الحقوقية الدولية، وترصد وتوثق جرائم الاحتلال، وثانيتها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، وهي مؤسسة لها حضور أمام المحافل الدولية، وتعمل على تسليط الضوء على معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتتكفل بالدفاع عنهم أمام المحاكم الإسرائيلية، أما المؤسسة الثالثة فهي الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، التي تسلط الضوء على جرائم الاحتلال ضد الأطفال الفلسطينيين لا سيما الاعتداءات والاعتقالات التي يقوم بها جيش الاحتلال التي تتناقض بشكل واضح مع كل المواثيق الدولية ذات العلاقة بحقوق الطفل.

اللافت أيضاً أن قرار وزير جيش الاحتلال سيؤدي إلى إعاقة التنمية الزراعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو يشكّل اعتداءً مباشرًا على المزارعين الفلسطينيين، من خلال تصنيف اتحاد لجان العمل الزراعي كبرى المؤسسات الداعمة للمزارعين بالإرهاب، وهي مؤسسة تحظى بعضوية العديد من الشبكات الدولية، وتعمل على تقديم الدعم والحماية للمزارعين الفلسطينيين، كما استهدف القرار مؤسسات تُعنى برعاية ودعم النساء مثل اتحاد لجان المرأة العربية، وأخرى تقدم خدماتها للفئات الشبابية مثل مركز بيسان للبحوث والإنماء.

تصنيف الاحتلال المؤسسات الحقوقية الفلسطينية بالإرهاب يؤكد انزعاجه الشديد من الدور الذي تقوم به تلك المؤسسات على صعيد تجريم الاحتلال في المحافل الدولية، كما يشير إلى رغبته بتشديد الحصار القانوني على الفلسطينيين، وحرمانهم القدرة على التواصل مع المؤسسات الدولية لفضح جرائم الاحتلال وملاحقته أمام المحاكم الدولية، وهنا ينبغي علينا نحن الفلسطينيين الانتباه إلى أهمية توثيق جرائم الاحتلال، وملاحقته قانونيًا أمام المحافل الدولية.

إننا بالنظر إلى الدور المهم الذي تقوم به المؤسسات الأهلية – خاصة الحقوقية منها- فإننا نؤكد تضامننا مع المؤسسات المُستهدَفة، ودعوتنا لجميع القوى الوطنية والإسلامية، ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني إلى ضرورة التكاتف في مؤازرة المؤسسات الفلسطينية المُستهدفة، وإطلاق حملات إعلامية وتنفيذ فعاليات نخبوية وشعبية داعمة لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والقيام بخطوات تصعيدية لفضح جرائم الاحتلال أمام الشعوب والمجتمعات الغربية، وتشكيل ضغوطات من المناصرين للقضية الفلسطينية أمام المؤسسات الأممية والدولية لدفع الاحتلال للتراجع عن قراراته التعسفية ضد مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني.