على الرغم من قرار محكمة الاحتلال العليا تأجيل البت في قضية إجلاء المواطن المقدسي مازن دويك وعائلته من منزلهم في حي بطن الهوى ببلدة سلوان، فإنه يحرص بشدة على المشاركة في الفعاليات الاحتجاجية ضد القرارات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الأهالي من الحي وغيره من بلدات وقرى القدس المحتلة.
يسكن دويك (52 عامًا) وعائلته في بناية سكنية مكونة من 5 طوابق أنشئت قبل سنين طويلة على أرض مساحتها لا تتعدى 150 مترًا مربعًا.
ويقول لصحيفة "فلسطين": إن 30 شخصًا من العائلة بين رجال ونساء وأطفال يقطنون في المنزل، ولا يشعر أحد فيهم بالأمان بسبب مضايقات وانتهاكات الاحتلال المستمرة.
وكانت العائلة اشترت المنزل عام 1962، من رجل مقدسي آنذاك، لكن بعد احتلال (إسرائيل) مدينة القدس بالكامل سنة 1967، أصبحت العائلة تحت طائلة الاستهداف كما غيرها الكثير من سكان القدس.
وتدعي سلطات الاحتلال أن قرارها إخلاء منزل عائلة دويك يستند إلى أنه ملكٌ لعائلة يهودية ذات أصول يمنية، غير أن دويك يؤكد لصحيفة "فلسطين" ما ينفي الرواية الإسرائيلية. ويقول: إن هدف الاحتلال من إخلاء منزلنا، إحلال مستوطنين يهود مكاننا وتغير الواقع الديموغرافي بما يخدم الهوية الإسرائيلية على حساب الهوية المقدسية.
ويشارك أفراد العائلة جميعها، في سلسلة فعاليات شعبية ضد إجراءات وانتهاكات الاحتلال في القدس، ومنها خيمة اعتصام مقامة في بطن الهوى لا تغلق أبوابها على مدار الساعة. وأكد مازن دويك أهمية مثل هذه الفعاليات لإجبار الاحتلال على التراجع عن قراراته أو تأجيل تنفيذها، مطالبًا بدعم هذه الفعاليات والمشاركة فيها.
والاثنين الماضي، أجلت محكمة الاحتلال العليا البت في قضية إخلاء عائلة دويك من منزلها في حي بطن الهوى حتى موعد آخر يحدد لاحقًا.
وبحسب محامي العائلة حسام صيام، فإن الجلسة عقدت للنظر في استئناف ضد قرار إخلاء العائلة التي تسكن في حي بطن الهوى منذ أكثر من 60 عامًا.
وبينما استمعت محكمة الاحتلال للأطراف وللادعاءات القانونية، وطلبت من المستشار القضائي إبداء رأيه في عدة نقاط قانونية، وقوبل ذلك برفضه، وترك القرار للجنة المحكمة، ما زالت العائلة تنتظر قرار المحكمة قبول الاستئناف أو رفضه.
وبحسب المحامي صيام، فإن ملف عائلة دويك محوري، وأي قرار يصدر فيه عن المحكمة سيؤثر في مصير 86 عائلة تواجه خطر التهجير من منازلها في حي بطن الهوى، لصالح مستوطنين.
وحي بطن الهوى السكني يقع داخل قرية سلوان الواقعة جنوبي المسجد الأقصى خارج أسوار البلدة القديمة، وهو امتداد لجبل الزيتون بالقدس.
ويوجد في الحي أكثر من ثمانين منزلًا يملكُ أصحابها أوامر إخلاء لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية، بذريعة ملكيتها للأراضي المقامة عليها المنازل منذ عام 1860/1880، ما يعني أن نحو 726 مقدسيًّا مهددون بالتهجير والطرد.
وهو أيضًا أحد الأحياء الـ12 في بلدة سلوان المقدسية الواقعة جنوبي المسجد الأقصى المبارك، وهو ضمن ستة أحياء مهدّدة إمّا بالإزالة بشكل كامل وإما بترحيل أصحابها الفلسطينيين من منازلهم لصالح جمعيات ومشاريع استيطانية.
وتشير تقارير إلى أن سلطات الاحتلال بدأت الاستيطان في بلدة سلوان ببؤرتين في حي بطن الهوى، سنة 2004 وأضيف لها لاحقًا مركز شرطي، وبحلول 2017 ارتفع عدد المستوطنين إلى ثلاثين عائلة يهودية.
ويؤكد باحثون في شؤون القدس أن سلطات الاحتلال تخطط لعملية تهجير عرقي واسعة النطاق في الحي خلال العام الحالي، بهدف تهويد بلدة سلوان، وذلك عبر تهجير العائلات المقدسية فلسطينية الأصل.
وقال الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب، إن "ما يحدث في القدس مشروع احتلالي تهويدي كامل سواء كان في بطن الهوى أو الشيخ جراح، أو غيرها من الأحياء والقرى والبلدات المقدسية".
وأضاف أبو دياب لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يسعى من وراء مخططاته هذه إلى تصفية الوجود الفلسطيني وتغيير الهوية في القدس.
وأكد أن "الادعاءات اليهودية بامتلاك أراضي بطن الهوى وغيره من الأراضي المقدسية، باطلة ولم تثبت أحقيتهم بهذه الأراضي المملوكة لمواطنين فلسطينيين"، مبينًا أن "محاكم الاحتلال تُفصِّل قراراتها وأحكامها على مقاس المستوطنين والمشاريع التهويدية، ولذلك منحت جمعيات استيطانية ملكية هذه الأراضي، والأبنية التي بناها المواطنون الفلسطينيون على هذه الأراضي يجب إخلاؤها".
ونبَّه إلى أن إجراءات الاحتلال تخالف القوانين والشرائع الدولية خاصة ما يتعلق بطرد السكان قسرًا، وأشار في ذات الوقت إلى أن الاحتلال تزامنًا والحراك المقدسي الحالي لن يجرؤ على اتخاذ أي إجراءات جديدة ترتبط بطرد عائلة دويك أو غيرها من عائلات حي بطن الهوى، محذرًا من التراخي في هذه الفعاليات بما يسمح للاحتلال بالانقضاض على الحي وأهله.