يقف المواطن عارف جابر، وحيدا، أمام جيش الاحتلال ومستوطنيه مدججين بالسلاح، يحاولون بمختلف الطرق والأساليب مصادرة أرضه والاستيلاء عليها.
ولم تفلح نداءات جابر إلى السلطة الفلسطينية منذ عام 2000م بضرورة دعم صموده والمزارعين من حوله؛ لاستصلاح أرضه والصمود فيها، ليبقى وحيدا في معركة غير متكافئة القوة يصارع حتى الرمق الأخير محاولا حماية أرضه من غول الاستيطان.
ويمتلك جابر 25 دونما في قرية البقعة شرق مدينة الخليل، ويعاني منذ نهاية العام الماضي هجمة شرسة من مستوطني "خارصينا" و"كريات أربع" المجاورتين لأرضه لمحاولة الاستيلاء عليها بحماية من جيش الاحتلال.
وكان آخر هذه الاعتداءات، حينما قدم فريق من "الإدارة المدنية الإسرائيلية"، أول من أمس، للقيام بأعمال مسح وتصوير في أرضه؛ الأمر الذي ينذر بدخول إجراءات المصادرة لأرضه مرحلة متقدمة.
وقال جابر لصحيفة "فلسطين": "منذ شهر ديسمبر الماضي وأنا أعيش حالة من الكر والفر" بيني وبين المستوطنين".
وأشار إلى تعرضه لـ 25 اعتداءً من قبل المستوطنين منها قيامهم قرابة ثلاث مرات ببناء غرف وجدران استيطانية فيها، ومحاولة شق طريق داخلها، مضيفا: "كلما بنوا شيئاً قمتُ بهدمه، لجأتُ لشرطة الاحتلال لتقديم شكاوى بحقهم دون جدوى".
وذكر أن المستوطنين أحالوا القضية إلى "القضاء الإسرائيلي" بادعاء أنها أرض متنازع عنها -رغم أنني ورثتها أباً عن جد وأملك الأوراق الثبوتية بذلك- "لكنها طريقتهم للتحايل ومصادرة الأراضي، فالقضاء الإسرائيلي لا ينصف فلسطينياً مطلقاً" والكلام للمزارع.
وأدخلت إجراءات الاحتلال القلق لعائلة جابر، وهناك خشية من أن تُنتزع الأرض من العائلة.
وتابع جابر: "لا أملك شيئًا سوى أن أقاوم لآخر لحظة، فأنا وحيد في مواجهة دولة بكاملها بجيشها ومستوطنيها"، لافتا إلى تعرضه للضرب والاعتقال والرش بغاز الفلفل والمنع.
وتقع الأرض الزراعية المهددة بالاستيطان قرب الشارع الالتفافي المؤدي لمستوطنتي "كريات أربع" و"خارصينا".
ويتهم صاحب الأرض، السلطة وأجهزتها الأمنية، بالتقصير وتجاهل الدعم والإسناد ليس من أجل الدفاع عن الأرض بل حتى عن استصلاحها وزراعتها.
وأكد جابر: "خاطبت رئيس الوزراء حتى وزارة الزراعة وغيرهما من الجهات لكن دون فائدة".
وتعتزم حكومة الاحتلال التصديق على بناء 3144 وحدة سكنية استيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
جذب للمستوطنين
وأوضح مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد (أريج) سهيل خليلية، أن إعلان سلطات الاحتلال مناقصات لبناء وحدات استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، بمنزلة استمرار لسياسة إسرائيلية درجت خلال فترة حكم رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو قائمة على عقد اجتماع كل ثلاثة أشهر بين "اللجنة العليا للتطوير والبناء في الإدارة المدنية" و"رؤساء مجالس المستوطنات" لإقرار مشاريع استيطانية جديدة.
وقال خليلية لصحيفة "فلسطين": يبدو أن هذا التقليد استمر مع حكومة "نفتالي بينيت"، لافتا إلى أن المشاريع المعلنة، جزءٌ منها أُقِرّ في أغسطس الماضي "1040 وحدة" مع إضافة وحدات أخرى لها.
ونبّه إلى أن الاحتلال حريص على إبقاء حركة البناء في المستوطنات مستمرة، كما أنه يحاول تصدير أزمة السكن في (إسرائيل) لمستوطنات الضفة والقدس المحتلتين.
واستدل خليلية بارتفاع تكلفة الشقق في أراضي الـ48م مقابل تقديم حكومة الاحتلال الخدمات والامتيازات والأقساط الميسرة لمن يرغب بالاستيطان في الضفة، فضلا عن دعم الموازنات المالية لشق الطرق الالتفافية وبناء المناطق الصناعية في سبيل إنجاح المشروع الاستيطاني.