قال مراقبان اقتصاديان إن ارتفاع الدين العام المتراكم على السلطة في رام الله، يؤكد هشاشة النظام المالي الذي تتبعه السلطة في إدارتها، مبينين أن استمرار ارتفاع معدل الدين العام يضع الموارد المالية والمقدرات الاقتصادية في خطر، ونبها إلى تداعياته السلبية على الأجيال القادمة.
ودعا الاقتصاديان السلطة إلى ضرورة الالتزام بالنداءات المتكررة المطالبة بإعادة جدولة الديون في سبيل خفضها، وكبح النفقات العالية، مع أهمية التوسع في النفقات التطويرية التي تعود بالمنفعة على الاقتصاد كليا.
وأظهرت بيانات وزارة المالية في رام الله ارتفاع الدين العام المستحق على الحكومة خلال أغسطس/ آب بنسبة 0.3 بالمئة ليصل إلى قرابة (12.338) مليار شيقل مقارنة بالشهر السابق.
وأوضحت البيانات أن الدين المحلي بلغ حوالي (8.07) مليارات شيقل بارتفاع نسبته واحدا في المئة عن الشهر السابق، في حين انخفض الدين الخارجي بنسبة واحد بالمئة إلى حوالي (4.265) مليار شيقل.
سوء إدارة
وقال الاختصاصي الاقتصادي أسامة نوفل، إن تواصل اتساع دائرة الدين الداخلي والخارجي، المتراكم على السلطة، يؤكد هشاشة نظامها المالي وسوء إدارتها.
وأضاف نوفل لصحيفة "فلسطين"، أن السلطة تجد في الإقراض أسهل الطرق للخروج من الأزمة، لكنها في الواقع توسع دائرة الدين، وترحل أزماتها من حكومة إلى أخرى.
وبين أن انشغال الحكومة في تسديد الديون المتراكمة عليها خاصة ذات الفوائد العالية، يفوت عليها تخصيص موازنات سنوية للإنفاق على المشاريع التطويرية وتنفيذ مشاريع تحد من معدلات الفقر والبطالة.
وحث نوفل حكومة رام الله على المزيد من الشفافية في إدارة الدين العام، والتشدد في مكافحة الاختلاسات الحكومية والبت في القضايا بالسرعة الممكنة.
و"الدَّين العام" هو العجز الذي ينشأ عند لجوء السلطة للاقتراض الداخلي من البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية أو المؤسسات الخارجية، لتغطية العجز الذي ينشأ عند زيادة نفقاتها مقابل تراجع إيراداتها.
أما عن نشأة الدَّين العام الفلسطيني فتعود للسنة الأولى لتسلم السلطة مهامها، ففي عام 1995 بلغ الدَّين العام 83 مليون دولار، وفي عام 1996 وصل إلى 300 مليون دولار، وفي 1999 ارتفع إلى 648 مليون دولار، ووصلت نسبة الدَّين العام الخارجي المتمثلة بالاقتراض من الجهات الدولية بين عامي 1995–1999 إلى 52% من إجمالي حجم الدين الإجمالي.
عمق الأزمة
ويؤكد الاختصاصي الاقتصادي د. ماهر الطباع، أن ارتفاع الدين العام يدلل على عمق الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة في رام الله.
وبين الطباع لصحيفة "فلسطين"، أن أولى خطوات التخلص من الدين العام هي خفض النفقات العليا، واتباع منهجية سليمة لإدارة الدين العام، مع حث الدول الأجنبية على زيادة تمويلها لخزينة السلطة.
ودعا حكومة رام الله إلى توجيه النفقات للاستثمارات التي توفر فرص عمل، وتزيد من الإنتاج المحلي وتشغيل القطاعات الإنتاجية والصناعية.
وأشار الطباع إلى أن الدين العام شهد ارتفاعا بسبب جائحة كورونا والأزمات السياسية مع الاحتلال المتعلقة باقتطاع أموال المقاصة.