أمس التاسع والعشرون من نوفمبر كانت الذكرى رقم (٦٩( لقرار الأمم المتحدة بتقسيم (فلسطين العربية) إلى ثلاثة أقسام، قسم للفلسطينيين ومساحته ٤٣٪ تقريبًا من مساحة فلسطين، وقسم لليهود ومساحته (٥٦) والباقي وهي القدس تحت الإشراف الدولي.
رفض الفلسطينيون والعرب القرار يومئذ، وكان معهم الحق في رفضه، ففلسطين تاريخيًا وجغرافيًا أرض عربية منذ الفتح الإسلامي لها وهي لا تقبل القسمة هذه ولا غيرها، ولكن من رفضوا التقسيم كانوا لا يملكون خطة لمنعه ومقاومته، بينما كانت العصابات الصهيونية تملك خطة، وفوق الخطة تحالفًا مع الغرب وأميركا لإقامة دولة إسرائيل بالقوة، ومن ثمة نجح يهود في إقامة دولتهم، وفشل الفلسطينيون والعرب في المحافظة على أرضهم.
إنك حين تتأمل الماضي تأكلك الحسرة، ويجرحك الألم، لأن أجدادنا رحمهم الله فشلوا في الحفاظ على أرضهم ووطنهم، وقد كانوا هم من يملك ٩٧% من أرض فلسطين، وكانوا هم أغلبية سكان فلسطين. لقد فشلوا لأنهم لم تكن لهم قيادة موحدة، ولأنهم لم يمتلكوا الخطة المناسبة، ولأن مكر يهود وحلفائها أحاط بهم من كل مكان.
بعامل القوة العسكرية تمكن يهود ومن عاونهم ليس على تنفيذ قرار التقسيم وأخذ حصتهم (٥٦٪) من أرض فلسطين، بل تمكنوا من الاستيلاء على حصة أكبر تصل إلى (٧٨٪) من أرض فلسطين، وطردوا سكانها من الفلسطينيين إلى الخارج، ولم تقم حتى الآن الدولة الفلسطينية، لا التي أقامها قرار التقسيم، ولا تلك التي على حدود ٦٧، والسرّ في ذلك يعود إلى عامل القوة العسكرية .
من أراد أن يقيم دولة فلسطين فلا يمكن أن يقيمها من خلال منحة يهودية، أو مفاوضات برعاية أميركية (وعلينا هنا أن نتذكر أن أميركا أخذت حق النقض "الفيتو" على قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في عام ٢٠١٧م).
وإنما يمكن أن تقوم الدولة من خلال المقاومة والانتفاضة فقط، وللأسف لا يوجد طريق آخر؟!
يكاد الماضي يعيد نفسه، فلست أدري هل تعمدت قيادة فتح أن تعقد مؤتمرها السابع في 29 نوفمبر ٢٠١٦م في ذكرى التقسيم المشئوم، أم كان الأمر قدرًا وبلا حساب، أقول هذه لأن المؤتمر يتجه نحو تقسيم حركة فتح إلى قسمين أيضًا، فمن سوءات التاريخ أن يكون (تقسيم فلسطين وتقسيم فتح في تاريخ واحد!) وكيف لقيادة منقسمة على نفسها أن تعالج قرار التقسيم أو أن تقيم الدولة الفلسطينية.
إن تاريخ فلسطين بعد عام ١٩٤٨م يمتلئ بالاتجاهات السلبية على مستوى القيادات في معالجة قضية الدولة، وتقرير المصير، والأسوأ فيها هو أن القيادة الحالية ممثلة في السلطة لا تؤمن بمبدأ القوة، وتؤمن بمبدأ الهبة، وتعتقل وتقمع من هم على الحق والصواب ممن يؤمنون بمبدأ القوة والانتفاضة طريقا وحيدا لإزالة الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ فقط. نحن نحيي ذكرى التقسيم، في وضع مؤلم، ومؤلم جدا لكل وطني يبحث عن دولة فلسطين الحرة ذات السيادة.