تتذرع السلطة في الضفة الغربية بين الحين والآخر بوجود أزمة مالية وأنها تلجأ للتقشف في النفقات في سبيل التغلب على ذلك، لكن الحقائق تظهر عكس تصريحاتها.
وأظهرت معطيات جديدة حجم إنفاق السلطة الكبير على القطاع الأمني الذي لا يزال يستحوذ على النصيب الأكبر من الموازنة المالية.
وأنفقت السلطة خلال النصف الأول من 2021 نحو 1.67 مليار شيقل لتعزيز قطاع الأمن، وهو ما يمثل 22% من إجمالي النفقات على مراكز المسؤولية للنصف الأول من العام، بحسب بيانات نشرها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان".
ورفعت السلطة أجور العاملين في قطاع الأمن، كما أظهر تقرير "أمان" ارتفاع فاتورة الرواتب والأجور مقارنة بالعام الماضي بـ115 مليون شيقل، وارتفاع النفقات الرأسمالية خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة مع الفترة ذاتها للأعوام السابقة.
وفي ظل الأزمة المالية التي تعانيها السلطة، اشترى جهاز الوقائي 184 سيارة للضباط، و85 سيارة للمخابرات، دون وضوح مبررات الشراء، في حين ارتفع حجم الإنفاق التشغيلي من 1.5 مليار في موازنة 2015 إلى 2 مليار في عام 2020.
وفي مارس 2020، أقرت حكومة محمد اشتية، موازنة لعام 2021، بعجز يقدر بنحو 1.7 مليار دولار قبل المساعدات الخارجية.
"دولة بوليسية"
الناشط السياسي فخري جرادات، أشار إلى أن السلطة تعطي مكتب رئيسها محمود عباس وأجهزتها الأمنية أولوية عالية في النفقات المالية على حساب الوزارات والقطاعات التي تقدم خدمات للمواطنين.
وقال جرادات لصحيفة "فلسطين": "السلطة حولت البلد إلى دولة بوليسية وبرنامج أمني لحماية رأس النظام.. ومن ثم أصبح مستوى النفقات والصرف غير معقول".
وقدّر ميزانية مكتب عباس وحده فقط بنحو 50 مليون شيقل من الموازنة الأمنية.
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية اشترت مركبات جديدة لضباط في جهازي الأمن الوقائي والمخابرات، للاستعمال الشخصي للتنقل والرفاهية "وهو أمر يعكس حالة الفساد وتبذير الأموال بطريقة غير معقولة".
وسخر الناشط من أجهزة السلطة التي تستحوذ على النفقات الأكثر من الموازنة العامة: "لا يوجد لها سيادة على الأرض، ولا تسهم في ضبط الأمن أو إنهاء حالة الفلتان الأمني في مدن الضفة الغربية، أو التدخل عند وقوع شجارات عائلية".
وبيّن أن الهدف الأساسي لتلك الأجهزة وزيادة النفقات المالية لها، هو الحفاظ على استمرار التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وليس حماية الشعب الفلسطيني كما هو مطلوب منها.
ونبّه إلى أن زيادة السلطة النفقات لمصلحة أجهزتها الأمنية، ومواصلة الترقيات لكبار الموظفين والمقربين من قادة السلطة، ساهم في اتساع الدين العام، في المقابل، بحسب جرادات هناك فئات واسعة من المواطنين لا تجد طعامًا لها وخاصة أصحاب مستحقات الشؤون الاجتماعية.
من جهته أكد عضو التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني عمر عساف، أن القطاع الأمني يستحوذ على النسبة الأكبر من الموازنة العامة عدا عن تلقيه مبالغ مالية عبر منح خارجية.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين": هناك زيادة في الإنفاق على القطاع الأمني، لكن هناك إشكالية في القطاع الصحي والتعليمي وضعف في رواتب المعلمين والأطباء.
وأضاف: "الإشكاليات في تلك القطاعات واضحة، لكن السلطة لا تعطي هذه الفئات أي اهتمام، وتعد الأمن الركيزة الأساسية، فيقدمونه على أي جوانب وقطاعات أخرى (...) المهمة الأساسية لتلك الأجهزة هي حماية المواطنين، وهذا لا يحدث".
وأوضح أن شراء أجهزة السلطة مركبات خاصة رغم العجز المالي، تعد محاولة لاسترضاء قادة الأجهزة وتعزيزًا لأماكنهم.
وأكد عساف أن القطاع الأمني بحاجة إلى جهاز شرطي قوي فقط، وليس بحاجة على تلك الأجهزة التي تشكل عبئًا على المواطنين والموازنة العامة.