لا يُعول اختصاصيون اقتصاديون على تحقيق رئيس السلطة محمود عباس أي مكاسب اقتصادية تخدم الفلسطينيين في ظل محاولات إحيائه التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرين إلى أن السلطة في رام الله ستغض طرفها عن الحقوق الاقتصادية والسياسية الفلسطينية، أو ربما التنازل عن بعضها في سبيل إحياء التفاوض.
وعقدت السلطة في رام الله مجموعة من اللقاءات الفردية مع وزراء حكومة الاحتلال، وذلك بلقاءات متتابعة في مدينة رام الله، في خطوة تُعد كسراً للجمود في العلاقات بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، بعد مغادرة بنيامين نتنياهو المشهد السياسي.
الاحتلال يريد سلطة هشة
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب، إن الاحتلال الإسرائيلي يريد سلطة ضعيفة هشة منزوعة الكيان السياسي والاقتصادي لإدارة شؤون الفلسطينيين، مبيناً أن الاحتلال يدير ظهره للسلطة في رام الله؛ لأنها لا تملك أدوات قوة، مشددا على أن محاولة السلطة إحياء التفاوض لن تحقق مكاسب سياسية أو اقتصادية.
وأضاف أبو الرب لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال الإسرائيلي يهيمن على كل الموارد الطبيعة في الضفة الغربية، خاصة في المناطق المصنفة (ج)، ويتحكم في المعابر، ويواصل فرض حصاره على قطاع غزة دون أن تحرك السلطة ساكناً.
وأشار إلى أن الاحتلال نجح إلى حد كبير في وضع السلطة في الزاوية، حينما ضغط على الأمريكيين والدول التي تسير في ركبها في وقف التمويل، وهو ما تسبب في أزمة مالية خانقة، جعل قرارات السلطة مكبلة، كما أن توسيع دائرة التطبيع بين دولة الاحتلال ودول عربية أخرى، قد زاد من حدة الأزمة التي تعيشها السلطة الآن.
وبحسب وزارة المالية في رام الله فإن مجمل المساعدات التي تلقتها الخزينة الفلسطينية منذ بداية العام حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، بلغ 30 مليون دولار فقط، أقل بنسبة 90 بالمئة من 210 ملايين دولار كانت متوقعة في قانون الموازنة للنصف الأول من العام.
وأضافت الوزارة أن مديونية السلطة للبنوك حاليًّا بلغت حوالي (2.3) مليار دولار، في حين بلغت (1.4) مليار دولار في 2019.
ربط الاقتصاد والسياسة بالأمن
من جهته ذكر الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى، أن الاحتلال الإسرائيلي حين وافق على عقد اتفاق أوسلو وبروتوكولها الاقتصادي "باريس" مع السلطة، جعل الشق السياسي والاقتصادي متلازمين لبعضهما البعض، وربط كليهما بالشق الأمني.
وأوضح موسى لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يرفض أن يمنح الفلسطينيين أي حقوق سياسية أو اقتصادية سواء جديدة أو التي صودرت بعد انتفاضة الأقصى الثانية، إن وجدها تتعارض مع أمنه المزعوم.
وأشار موسى إلى أن الاحتلال يقرصن أموال المقاصة التي تعد موردا ماليا مهما لخزينة السلطة، ويمنعُ توريد احتياج الفلسطينيين من السلع والبضائع لضرب الاقتصاد الوطني، كما أنه يعيق تنقل الأفراد والتجار بين شطري الوطن والعالم الخارجي تحت مبررات أمنية واهية.
وأكد أن السلطة في رام الله مطلوب منها أن تضغط على الاحتلال في كل المحافل الدولية، لدفعه لتعديل الاتفاقيات أو رفضها ما دام لا يعترف بالحقوق الفلسطينية، لا أن تدفع باتجاه تقديم مزيد من التنازلات للاحتلال، التي لا تخدم المجموع الفلسطيني.
وحث موسى السلطة في رام الله على مكافحة أوجه الفساد في المؤسسات العامة، وإعادة النظر في توزيع الموازنة العامة التي تعطي الجانب الأمني الشق الأكبر من الحصة في حين أن قطاعات إنتاجية زراعية وصناعية بحاجة إلى زيادة في حصتها، مع أهمية تخصيص حصة مالية لتنفيذ مشاريع تنموية بصورة دائمة لأهميتها في خفض معدلات الفقر والبطالة في المجتمع الفلسطيني.