حين صدرت المبادرة العربية للسلام ربطت بين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة في عام ١٩٦٧م، وبين الصلح مع (إسرائيل) وتطبيع العلاقات معها. وجعلت الصلح والتطبيع تاليا للانسحاب، لم تلتف دولة الاحتلال كثيرًا إلى المبادرة العربية وقلما علقت عليها، لأنها تطلب الانسحاب أولًا.
نحن اليوم في عام ٢٠١٧م وما زالت دولة الاحتلال متمسكة بموقفها في عدم التعامل مع المبادرة العربية، إلا في حال عكس مضمونها، بحيث يكون السلام والتطبيع أولًا ودون شروط مسبقة. اليوم تجد (إسرائيل) أنها أقرب من أي وقت مضى لتحقيق ما تريد لا سيما بعد زيارة ترامب، وما نتج عنها من اتهام لحماس (بالإرهاب) واتهام قطر بأنها تساعد الإرهاب؟!.
لقد حرصت الدول العربية منفردة ومن خلال الجامعة العربية على التفريق بين الإرهاب والمقاومة الفلسطينية، التي تقاوم احتلالًا غاصبًا يسمح القانون الدولي بمقاومته، وسنن التاريخ تحكي مقاومة الاحتلال أينما كان. بعض دول الخليج فيما يبدو لم تعد تتمسك بهذا التفريق، ما يعني أن زيارة ترامب نجحت في إقناع هذه الدول باتهام حماس بالإرهاب، دون الالتفات إلى الاحتلال والاستيطان وعمليات تهويد القدس المستمرة.
في (إسرائيل) ثمة قناعة سياسية بأنه يمكن إجراء تسوية إقليمية، وتطبيع علاقات مع الدول العربية دون حل القضية الفلسطينية، وهنا يذّكرنا ليبرمان بأن دولته وقعت اتفاقية سلام مع مصر ثم مع الأردن دون أن تكون أي علاقة للفلسطينيين في هذا الموضوع، وهو يقصد أنه يمكن إجراء تسوية إقليمية مع بعض الدول العربية دون شروط فلسطينية، بل ودون استشارة الفلسطينيين؟! ودون ربط ذلك بالقضية الفلسطينية؟!
بودي أن أستبعد حدوث هذا، لولا أمور منها: حالة التمزق العربي، وهي حالة غير مسبوقة، وقد فرضت على القضية الفلسطينية التراجع إلى الخلف. ومنها ذهاب بعض الدول العربية إلى اتهام المقاومة الفلسطينية ممثلة في حماس بالإرهاب، والإعلان عن ذلك بما يرضي أميركا (وإسرائيل)، ومنها اتهام قطر بأنها تمول حماس، وكلنا يعلم أن جامعة الدول العربية تصنف حماس بأنها حركة مقاومة وتحرر وطني، وما زلت أتذكر حرب ٢٠١٢م حين زار (١٣) وزير خارجية عربيًا غزة ليعلنوا من غزة أنهم متضامنون معها في مقاومة المحتل.