أكد مختصان في شؤون القدس أن السلطة الفلسطينية منذ وصولها إلى الأراضي الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو لم تقدم الدعم اللازم والضروري لدعم مدينة القدس ومواجهة خطط التهويد الإسرائيلية وحملات تهجير أهلها وتدمير بيوتهم، مشيرين إلى عدم وجود ميزانية خاصة بالمدينة المقدسة ضمن الموازنة الخاصة بالسلطة الفلسطينية التي تُقر سنويًّا.
وأوضحوا في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين "أن الأموال التي تُوجه لمدينة القدس عبر السلطة الفلسطينية يعكس تقاعسًا كبيرًا واضحًا من طرفها، خاصة في ظل عدم وجود خطط وإستراتيجيات بعيدة المدى لدعم المدينة.
وأكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي أن ما صرفته السلطة الفلسطينية في السنوات الأربع الماضية على مدينة القدس لم يزد على 13 مليون شيقل، وهو مبلغ أقل بكثير من احتياجات المدينة المقدسة مقارنة بالأموال التي تخصصها حكومة الاحتلال لتهويد المدينة وتهجير أهلها والسيطرة عليها.
وبين الهدمي أن أحد بنود اتفاقية أوسلو كان يشترط منع عمل السلطة الفلسطينية في داخل مدينة القدس، وهو ما وافقت عليه حركة فتح بألا يكون لها دور في القدس وحمايتها من أي حملات للتهويد في المستقبل.
وقال: "حسب تقارير لوزارة المالية في السلطة الفلسطينية صدرت مؤخرًا، فإن ما أُنفِق على مدينة القدس في السنوات الأربع الماضية لا تتجاوز 13 مليون شيقل فقط، أي ما يقارب 4 ملايين دولار بمعدل مليون دولار واحد لكل عام".
وأضاف: "إن هذه المبالغ رمزية جدًّا وعلى السلطة أن تخجل لذكرها وصرفها على مدينة تشكل عاصمة لدولة فلسطين، مع الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تصرف سنويًّا مليارات الشواقل لتهويد المدينة والسيطرة على ممتلكات المواطنين فيها وتهجيرهم".
وأشار إلى أن السلطة بقيادة محمود عباس هي أول الخاذلين لمدينة القدس وتعمل على غض الطرف عن كل عمليات تسريب العقارات وكل سياسات الاحتلال ضدها، لافتًا إلى أن أي نشاط تقوم به السلطة ويوحي بالاهتمام بمدينة القدس يكون اهتمامًا رمزيًّا وفي السياق الإعلامي ويأتي في صالح حركة فتح لرفع شعبيتها عند المقدسيين عندما تحتاج إلى ذلك.
وأكد وجود تقصير واضح وخذلان للتعليم والصحة وكل المؤسسات الوطنية من قبل السلطة وحركة فتح في رام الله، منبهًا إلى أن أكبر المؤسسات الفلسطينية العاملة في القدس تعاني وجود ديون على السلطة ترفض سدادها، ما جعلها تعاني أزمات مالية كبيرة مثل: مستشفى المقاصد، والمطلع، وشركة كهرباء محافظة القدس.
من جانبه، أوضح الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات د. حسن خاطر أن السلطة الفلسطينية وإن كانت تخصص بعض الأموال لمدينة القدس فهي لا تناسب بأي شكل من الأشكال مع ما تواجهه مدينة القدس.
ونبه خاطر إلى أن نسبة ما يوجه من السلطة لمدينة القدس لا يزيد على 5% من احتياجات المدينة، ويدخل ضمن مساعدات الحكومة في جانب الصحة والتعليم"، لافتًا إلى أن مسؤولية مواجهة مشاريع التهويد والتهجير يواجهها المقدسيون بأنفسهم دون أي دعم فلسطيني، عربي أو دولي.
وقال: "إن جل ما تقدمه السلطة للقدس هي بعض المعونات والمساهمات لبعض النشاطات في المدينة وكلها لا تساوي شيئًا مع ما يضخ في مشاريع التهويد في المدينة المقدسة التي تقوم بها حكومة الاحتلال".
وأضاف: "إن آخر دعم وتمويل كان مخصصًا للمدينة المقدسة كان منذ أيام فيصل الحسيني وإلى اليوم لم يطرأ أي تغيير على المخصصات الموجهة لمدينة القدس على الرغم من أن حجم تمويل التهويد تضاعف منذ ذلك التاريخ حتى اليوم".
وأفاد خاطر أن المشكلة التي تعانيها مدينة القدس ليس في ضعف التمويل وغياب الدعم المالي الموجهة لها فقط، بل يمتد إلى غياب وجود أي خطط ورؤى طويلة المدى لدعم المدينة المقدسة على غرار الخطط الإسرائيلية التي تضعها حكومة الاحتلال لتنفيذ سياسات التهويد.
وأردف: "إن الاحتلال الإسرائيلي قبل عشرين عامًا وضع خطة 2020 لتهويد المدينة وبعد الانتهاء منها وضع خطة أخرى 2030 وأخرى 2050 كلها تحتوي على خطط لتهويد المدينة بشكل ممنهج"، مشددًا على أن كل هذا يتم في ظل تقاعس كبير من السلطة لمواجهة هذا الأمر.
وأكد خاطر أن دعم مدينة القدس في السلطة الفلسطينية يتم ارتجاليًّا دون أن يكون هناك خطط أو رؤية تخصص لها ميزانيات محددة ضمن موازنة السلطة السنوية، موضحًا أن كل ما يتم من دعم يكون بناءً على نشاطات واجتهادات شخصية كلها أقل من المستوى الضعيف وليس ضمن المستويات والتحديات التي تواجهها المدينة.