قال القيادي في التيار الإصلاحي الديمقراطي لحركة "فتح" المحامي حاتم شاهين: إن القيادة الأمنية والسياسية للسلطة تتنصل من مسؤوليتها عن اغتيال المعارض السياسي نزار بنات عبر دفع عناصر من "جهاز الأمن الوقائي" للمحاكمة.
ونبَّه شاهين في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أمس، إلى أن عدم تحمل قيادة السلطة مسؤولية اغتيال بنات وتهربها من الجريمة، يتجلى في ملاحقة 14 عسكريًّا من مرتبات "الأمن الوقائي" وعدم إقالة أو استقالة مدير الجهاز في مدينة الخليل اللواء محمد زكارنة، وكذلك عدم استقالة وزير الداخلية محمد اشتية الذي يتولى رئاسة الحكومة.
وعدَّ أن ما يجري حاليًا، عبارة عن إسقاط المسؤولية الكاملة عن قائد "الأمن الوقائي" ووزير الداخلية، وهذا يثبت تنصل السلطة من المسؤولية عن اغتيال بنات الذي "كان حرًّا في حياته ومماته" كما يصفه.
ورأى أن موقف السلطة وإجراءاتها يعكس حالة من الاستهتار تمارسها بعد جريمة الاغتيال.
واغتالت قوة من جهاز الأمن الوقائي، المعارض بنات فجر الخميس 24 يونيو/ حزيران 2021، بعد اقتحام منزل في مدينة الخليل واعتقاله والاعتداء عليه حتى الموت، ما أثار ردود فعل دولية وفلسطينية مناوئة للجريمة وما زال صداها يتردد حتى اليوم.
ونبه إلى أن السلطة لم تتخذ أي إجراء قانوني سريع بعد اغتيال نزار، ولم تتحرك إلا بعد تعاظم ردود الفعل الميدانية، حتى وصلت قضية الراحل إلى طاولة مجلس الأمن والمجتمع الدولي.
نشر صور متظاهرات
واستغرب القيادي في التيار الإصلاحي، قمع السلطة للاحتجاجات التي شهدتها مدن الضفة وخاصة رام الله، رفضًا للجريمة ومطالبةً بمحاسبة قتلة نزار قانونيًّا.
وقال: "ردود الفعل والاحتجاجات ليس من المستغرب أن تقمعها السلطة، لكن المفاجأة الأكبر التي لا يتخيلها عقل، هي مصادرة عناصر أمن بلباس مدني هواتف متظاهرات والدخول إليها ونشر صور خاصة بهن محفوظة على هواتفهن، وتناقلها بين الهواتف المختلفة".
واستدرك: "هذا يعني أننا أمام أجهزة لا تقيم حرمة للحياة الشخصية للمواطن التي يفترض أن يحميها الأمن".
وأكد شاهين أن جريمة اغتيال بنات تحتم ضرورة مراجعة العقيدة الأمنية لأجهزة أمن السطلة، "لأنه لا يستطيع أحد تفسير مشاركة 14 عسكريًّا في الاعتداء على نزار وهو نائم ويرتبكون جريمة إعدام"، عادًّا أن مشاركة هذا العدد في الاعتداء يشكل نهجًا لأجهزة أمن السلطة.
وتابع: "هذا يعني أن عقيدة الأجهزة الأمنية فيها خلل كبير، ويجب مراجعتها والوقوف عليها.. اغتيال نزار يفتح أمامنا بوابات كثيرة يجب الوقوف عندها، وإجراء مراجعات واسعة".
وشدد على أن ما تشهده قضية بنات من إجراءات قضائية، وما يمكن أن ينتج عنها، "لن ترضي أحدًا من المعنيين به، ما دام أنها لم تطَل المسؤولين الحقيقيين عن اغتياله".
كما أشار إلى أن السلطة لم تعتذر رسميًّا حتى اليوم عن اغتيال نزار، وهذا يمثل مشكلة كبيرة، لافتًا إلى أن تصريحًا واحدًا صدر على لسان وزير الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ، وقال فيه إن "حادثة قتل نزار بنات مؤسفة جدًّا".
لكن شاهين يرى أن الأسف يعني شيئًا والاعتذار شيئًا آخر، فـ"الأسف مصطلح لا يحمل المسؤولية للسلطة، لأنه بإمكان أي شخص أن يأسف لاغتيال نزار".
واستطرد: "لكن الاعتذار له نتائج أخرى أولاها تحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن اغتياله، ويجب عليها إذا أرادت إنهاء قضية نزار إيجابيًّا واحترامًا للمواطن الفلسطيني؛ أن تعتذر للشعب عامة ولعائلة بنات من قبله خاصة".
وأكمل: يجب على السلطة أن تعمل على "جبر الضرر، وأن توسع إجراءات المحاكمة لتطال جميع المسؤولين عن اغتياله".
ورجح المحامي شاهين أن تلجأ السلطة إلى الحكم على قاتلي نزار ببضع سنوات لكل شخص من الـ14، لكن هذا لا يعني أن القضية انتهت، فجريمة الاغتيال لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وستبقى ملفًا مفتوحًا.