فلسطين أون لاين

بعد تعطل عملاق التواصل الاجتماعي.. رواده يراجعون أنفسهم

...
أرشيف
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تعطل مفاجئ أصاب عملاق التواصل الاجتماعي "فيسبوك" توقف معه تواصل ملايين البشر حول العالم، إضافة إلى تعطل تطبيقي "انستغرام" و"واتساب" اللذين تملكهما الشركة، وكأنما توقفت الأرض عن الدوران بالنسبة للكثيرين.

بعد عدة ساعات من الانقطاع عاد فيسبوك ومنصتيه الاجتماعيتين للعمل، وعاد الملايين إلى "بيوتهم الإلكترونية" التي شردوا منها لساعات، لكن ما حدث جعل الكثيرين يراجعون أنفسهم، ويثير تساؤلًا حول أثر غياب تلك المواقع على العلاقات الاجتماعية، وكيف أمضى المواطنون أوقاتهم فترة الانقطاع عن التطبيقات.

كانت المعلمة سميحة السكني على وشك إرسال تلخيص "السبورة" لطالباتها عبر مجموعة "واتساب" التي باتت جزءًا من وسائل التعليم في زمن كورونا، ليقمن بنقل الملخصات إلى كراساتهن استعدادًا ليوم تعليمي جديد، لكن العطل المفاجئ كتّف يديها ووضعها أمام معضلة غير متوقعة وحارت في كيفية تجاوزها، فكان تأجيل العمل هو الحل الأنسب لهذه السويعات.

وتقول السكني إن التعليم المدمج ألزم المعلم استخدام تطبيقات التواصل من أجل الوصول إلى الطلبة وردفهم بالمضامين التعليمية إلكترونيًّا، والتي لا يستطيع المعلم مدهم بها وجاهيًّا، "غير أن العطل المفاجئ الذي أصاب موقع فيسبوك وواتساب أرغمني على تأجيل العمل، ومع عودة مواقع التواصل الاجتماعي للعمل شعرتُ وكأني عدت إلى بيتي".

في المقابل تقول دينا البطنيجي إن الانقطاع عن فيسبوك مَثّل فرصة للتعرف أكثر على موقع "لينكد ان" وهو موقع اجتماعي مخصص للتشبيك المهني.

أما في بيت نسرين المشهراوي فلم يؤثر الانقطاع في حياتها وأفراد أسرتها كما تقول، إذ حدث التعطل في الوقت الذي خصصته وزوجها للجلوس مع أولادهم، وفيه ينقطعون عن الإنترنت بمحض إرادتهم، ويستمرون لمدة ساعتين في الحديث مع أولادهم عن يومياتهم في المدرسة والجامعة وأمور تهم الأسرة ككل ويصلون المغرب والعشاء جماعةً.

أما خالد جودة فيقول إنه وجد نفسه أمام "فرصة ذهبية" لمطالعة أحد الكتب من مكتبته، والبحث في مسألة لطالما شغله انغماسه في الإنترنت عنها.

في حين، سافر فادي الهليس خلال ساعات تعطل "فسيبوك"، إلى التلفاز الذي لم يفتحه منذ مدة، وتابع من خلال أخبار الموقع الأزرق، لافتًا إلى أن وجوده السابق على منصة "تليغرام" جعله يستقبل رسالة عاجلة من صديقه المغترب في سلطنة عمان، الذي اعتقد أن تعطل فيسبوك وتطبيقاته اقتصر على السلطنة التي ضربها الإعصار شاهين حاملًا معه أمطارًا مدارية أحدثت فيضانات، "لكنني أخبرته أن العطل عالمي".

تأثيرات متعددة

وللانقطاع عن تلك الشبكات تأثيرات إيجابية وسلبية وفق المختصة التربوية ليلى أبو عيشة، وتقول إن الكثيرين عبروا عن فرحتهم بهذا الانقطاع، ولو أن بعض التعبيرات جاءت في سياق هزلي وغلب عليها المزاح والنكات، "لكن ذلك يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات، حيث احتلت مواقع التواصل الاجتماعي مساحة كبيرة من حياة ملايين البشر، دعمته مرحلة أزمة فيروس كورونا التي جعلت المجتمع يتمسك بهذه المواقع".

تعتقد أبو عيشة أن الانقطاع جعل الكثيرين يدخلون في مرحلة قلق وترقب حول مستقبل مواقع التواصل، فوجدت الأسر في التعطل فرصة ولو آنية للتواصل العائلي بعمق أكبر، وهذا يضع النقاط على الحروف في العلاقات البينية في الأسر والمجتمع عمومًا.

وتشير إلى أن تعطل فيسبوك حدث بعد انتهاء الوقت الوظيفي لآلاف العاملين، إلا أنه أثر في أصحاب المهن التي تتطلب تواصلا عبر تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي.

وإذ تؤكد أهمية التقدم التقني للاتصال بين البشر، "ولكن اكتفاء الشخص بالآلة يترك آثارًا إدمانية في حال زاد التعامل مع شبكات التواصل عن المعدل الطبيعي".

وتعزو الاضطراب الذي حدث عالميًا بسبب تعطل فيسبوك، إلى قدرة الموقع على زيادة رأس المال المعرفي والاجتماعي للأشخاص، "والذي يعني مجموعة العلاقات الاجتماعية التي يشكلها الفرد مع أقرانه، "أي إنها قيمة مضافة، فكلما زادت قاعدة اتصال الفرد بالبشر، استثمرها في كل مشكلاته".

وتلفت إلى أن العديد من المستخدمين يجدون في شبكات وتطبيقات التواصل مدخلًا للترفيه عن النفس والخروج من الاكتئاب عن طريق الحوار والنقاش.