طالب متحدثون ومختصون السلطة الفلسطينية وحكومتها ووزارة الداخلية في رام الله، بالكف عن حرمان عدد كبير من أهالي قطاع غزة جواز السفر، بناء على أسباب سياسية، عادّين حرمانهم إياها "تجاوزًا للقوانين الفلسطينية".
ودعوا خلال لقاء مفتوح نظمته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان- ديوان المظالم، في غزة أمس، بعنوان "أزمة جوازات السفر في قطاع غزة"، وزارة الداخلية في رام الله إلى كف جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي عن التدخل في صلاحيات إصدار جوازات السفر، مؤكدين ضرورة إبعاد حقوق المواطن عن أي تجاذبات سياسية.
تدخلات فصائلية
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة: إن أزمة جوازات السفر سياسية، بدأت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، وإنه رغم التدخلات العديدة من الفصائل الفلسطينية وطرحها بشكل رئيس في جولات المصالحة على قاعدة إبعاد حقوق المواطن عن دائرة التجاذبات السياسية، فإنها لم تُحلّ نهائيًّا.
وأكد أبو ظريفة في كلمة له، أن هذه الأزمة تترك تداعيات خطِرة على مصالح وحقوق آلاف المواطنين في غزة، إذ تُنحى الأوراق الثبوتية الكاملة التي يقدمونها جانبا، وتخضع المسألة لأجندات سياسية في تجاوزٍ واضح للقانون الأساسي الفلسطيني، متسائلا: "ألا يكفينا أن الاحتلال الإسرائيلي يتحكم في إصدار جوازات السفر لامتلاكه السجل المدني الفلسطيني وحقوق المواطنة الفلسطينية وفقا لاتفاق أوسلو، لتحرم السلطة المواطنين منها أيضًا؟".
وشدد على أنه لا يحق لأي سلطة تنفيذية استخدام حقوق المواطنين ورقةً لتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، مشيرا إلى أن ما يعقد الوضع الفلسطيني القائم هو غياب المؤسسات الرقابية والقضائية (في إشارة لتعطيل رئيس السلطة محمود عباس المجلس التشريعي وتغوله على القضاء)، التي هي الوحيدة صاحبة الحق في حرمان أي مواطن جواز السفر لاعتبارات وطنية خاصة.
وفند ذريعة وزارة الداخلية في رام الله بحرمان مواطنين في غزة جواز السفر بأنهم مطلوبون للمثول أمامها، بقوله: "هم يدركون تماما أن هذا الأمر مستحيل. للأسف نحن النظام السياسي الوحيد الذي يطلب من المواطنين صك (السلامة الأمنية) قبيل إصدار جواز السفر، وهو أمر مخالف للقوانين الفلسطينية".
ونبه إلى أن المس بحق التنقل والسفر يؤدي إلى حرمان الكثيرين التعليم والعلاج، محملًا مسؤولية معاناتهم "لمن يقحم جوازات السفر في إطار التجاذبات السياسية".
وتساءل: "كيف لنا مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية بمحاسبة الاحتلال على انتهاكه حقوق الإنسان، والسلطة بحرمانها المواطنين حقوقًا تعطيهم مساحة للاستمرار في انتهاكاتها؟"، داعيا السلطة إلى إخراج حقوق المواطنين من التجاذبات السياسية، وعدم التعدي على القانون الأساسي الفلسطيني، ووقف تغول السلطة التنفيذية على حقوق المواطن وإلغاء شرط "السلامة الأمنية".
مماطلة السلطة
وعدّ مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء سكافي، أزمة جوازات السفر "سياسية وليست قانونية"، وأنها من تداعيات حالة الانقسام الفلسطيني، فهي من أكثر الملفات تعقيدا ومماطلة من السلطة، مؤكدًا أن كل الحجج التي تسوقها الأخيرة في هذا الإطار "واهية وكيدية"، وأن هذا الانتهاك يمس جملة من الحقوق، منها حرية الحركة والتنقل والتعليم والصحة، وينطوي على تمييز عنصري بين المواطنين على أساسٍ جغرافي.
وأشار سكافي في كلمة له، إلى أن هذه الأزمة ترتب عليها الكثير من المشكلات الإنسانية للمواطنين، كحرمان العلاج والتعليم وأداء الشعائر الدينية، إلى جانب تقييد حرية الرأي والتعبير، لكون حرمانهم جواز السفر يتم بناء على آرائهم السياسية.
ولفت إلى عدم وجود خيارات أمام مؤسسات حقوق الإنسان للضغط على السلطة، في ظل الانقسام الحالي بالجهاز القضائي.
ودعا مدير مكتب جنوب ووسط قطاع غزة في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أحمد الغول وزارة الداخلية في رام الله إلى وقف العمل بقرار "السلامة الأمنية" كشرط لحصول أهالي القطاع على جواز سفر، بذرائع أمنية واهية ودون وجود قرار قضائي.
وطالب الغول بكف جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي في الضفة الغربية عن تقديم التوصيات بالرفض الأمني وما يترتب عليه من حرمان المواطنين جواز السفر، مؤكدا ضرورة تحييد دائرة الجنسية والجوازات في داخلية رام الله عن الانقسام السياسي، لتتعاون مع نظيرتها في غزة وتسهل حصول المواطنين على جوازات.
وحث الغول الداخلية في رام الله على اعتماد المجال الإلكتروني لاستقبال طلبات المواطنين في غزة، المتعلقة بالحصول على جواز السفر، وتخفيف الأعباء المالية الإضافية الناجمة عن توكيل مكاتب الخدمات العامة.
وشدد على ضرورة تشكيل مجلس تشريعي منتخب، لإصدار قانون خاص بجوازات السفر والوثائق الرسمية، يكفل في جوهره الحق في حرية الحركة والتنقل وفاءً لالتزامات فلسطين الدولية.
ونبه إلى أن عددا كبيرا من المواطنين حُرموا على مدار سنوات الانقسام، الحصول على جواز السفر أو تجديده أو إصدار بدل فاقد، موضحا أن هيئته سجلت 72 شكوى خلال سبتمبر/ أيلول الماضي فقط، وتبين أن رفض إصدار الجواز يرجع لأسباب أمنية، دون وجود أي مبررات.