لا يتوقف رئيس السلطة محمود عباس عن استجداء الاحتلال الإسرائيلي لعقد لقاءات ثنائية مع مسؤولي حكومته، ضمن مساعيه الرامية لاستئناف المفاوضات التي لم تحقق للشعب الفلسطيني سوى الخذلان وضياع أرضه، في حين أن الطرف الآخر يستخدم سياسة "إدارة الظهر" ورفض لقاء عباس.
وكشفت مصادر إعلامية عبرية، أمس، أن عباس وجه دعوة لجميع وزراء حكومة الاحتلال، خاصة وزيرة الداخلية ايليت شاكيد لزيارة المقاطعة في رام الله والاجتماع به، وهو ما رفضته الأخيرة وغالبية الوزراء.
وكتبت شاكيد تغريدة على حسابها في "تويتر" تعبر عن رفضها طلب عباس. واجتمع عباس أول من أمس في مقر المقاطعة، مع وزير الصحة، رئيس كتلة "ميرتس" اليسارية نيتسان هوروفيتش ووزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج، وعضو "الكنيست" الإسرائيلي ميخال روزين من حزب "ميرتس".
ويأتي الاجتماع بعد نحو شهر من لقاء هو الأول بين عباس ووزير جيش الاحتلال بيني غانتس في رام الله، إذ بحثا "العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية".
وأعلن رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت، الشهر الماضي، في لقائه منظمات يهودية في الولايات المتحدة، أنه لن يلتقي عباس، وأنه يعارض إقامة دولة فلسطينية.
استجداء وتسول
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، رأى أن طلب عباس الاجتماع مع مسؤولين إسرائيليين "محاولة تسول" من أجل استئناف المفاوضات العبثية، مؤكدا أن من لا يمتلك القوة لفرض الوقائع لا يستطيع تغيير شيء، خاصة في هذ العالم المنحاز إلى الاحتلال ومصالحه، والمعادي للشعب الفلسطيني.
وعدّ سويرجو في حديث لصحيفة "فلسطين" أي محاولات لاستجداء المفاوضات "تسولًا"، لن تنتهي إلا بخسارة الشعب الفلسطيني، مضيفًا: "ما دام هناك احتلال هناك مقاومة، ودون هذه المعادلة لن يتغير شيء".
وأوضح أن حكومة بينيت "متعددة الرؤوس"، لذلك لا تستطيع أخذ قرار يُجمع عليه أعضاؤها بسبب الاختلافات بينهم، مضيفًا: "يبدو أن هناك توجهًا أمريكيًّا لتخفيف حدة التوتر بين السلطة والاحتلال، خاصة بعد خطاب عباس في الأمم المتحدة، وبينيت الذي تجاهل الفلسطينيين".
وبيّن أن كل التحركات لن تخدم إلا موقف الولايات المتحدة ومصالحها والاحتلال أيضًا، أما السلطة فستبقى في الحلقة المفرغة ذاتها سنوات طويلة من المفاوضات والمراهنة على الأحزاب الأمريكية والإسرائيلية التي ستتولى الحكومات.
وبحسب سويرجو، فإن كل تصرفات السلطة باءت بالفشل، لأن كل المحاولات الأمريكية تهدف لسحب فتيل الانفجار في المنطقة، وكل ما يجري للهدف ذاته، دون التطرق إلى أي حلول استراتيجية أو تكتيكية.
وأشار إلى أن استمرار مراهنة السلطة على المفاوضات "تسول" يعطي الاحتلال مزيدًا من الوقت للاستيلاء على الأرض ومقدرات الشعب الفلسطيني.
ويرى المحلل السياسي خالد العمايرة أن الاحتلال قد يكون قد أخرج عباس وسلطته من حساباته، ما يدفع مسؤوليه إلى رفض عقد لقاءات معهم، معتبرًا أن السلطة تعيش في أحلام عقيمة، إذ وصلت لأقصى درجات الإحباط، الأمر الذي يدفعها للكذب على الشعب الفلسطيني.
وقال العمايرة في حديث لـ"فلسطين": إن السلطة خسرت الشعب الفلسطيني بتصرفاتها "غير المسؤولة" وتمسكها بالمفاوضات واستجداء الاحتلال على حساب حقوق شعبها، واصفًا إياها بأنها "مجموعة فاشلة سياسيًّا وأخلاقيًّا، هدفها الأسمى البقاء على قيد الحياة بواسطة استمرار التنسيق الأمني".
وبيّن أن السلطة تتهرب من الأمور الجدية التي تخدم الشعب الفلسطيني، وتلجأ إلى الاحتلال وتقدم له خدمات مجانية عبر استمرار التنسيق الأمني.